الكرم والسخاء: مسيرة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في العمل الإنساني والتنموي
تجسيد قيم العطاء في القيادة
يُعد سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، المولود في 8 مايو 1987، شخصية قيادية بارزة في مملكة البحرين، وهو الابن الرابع لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.1 تلقى سموه تعليماً رفيعاً بدأ في مدرسة ابن خلدون الوطنية بالبحرين، ثم الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست بالمملكة المتحدة بين عامي 2005 و2006، حيث نال وسام الملك حسين لأفضل طالب أجنبي متميز.1 كما واصل تدريبه العسكري في كلية القيادة والأركان التابعة لقوات مشاة البحرية الأمريكية في كوانتيكو بالولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2010 و2011.1
تشمل مسؤوليات سموه الحالية مجموعة واسعة من المناصب الحيوية، مما يعكس دوره المحوري في الدولة. فهو ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب منذ 13 مايو 2014، ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة منذ 6 سبتمبر 2010، وقائد الحرس الملكي بقوة دفاع البحرين منذ 19 يونيو 2011.2 كما يشغل سموه منصب رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية منذ 27 نوفمبر 2007، ومستشار الأمن الوطني منذ 17 أكتوبر 2019، وأمين عام مجلس الدفاع الأعلى منذ 5 يوليو 2020.2 بالإضافة إلى ذلك، يتولى سموه رئاسة مجلس إدارة شركة بابكو إنرجيز القابضة منذ 23 أبريل 2021.1 إن هذه الخلفية التعليمية والعسكرية المرموقة، والتي ترتبط عادة بالقيادة العسكرية، قد تم توظيفها لتوسيع نطاق الخدمة العامة لسموه، حيث تُطبق مبادئ الانضباط والاستراتيجية والقيادة على المجالات المدنية والإنسانية. هذا التوجه يشير إلى نهج استراتيجي في تنمية القيادة داخل العائلة المالكة البحرينية، حيث يتم إعداد القادة المستقبليين ليس فقط للأدوار التقليدية ولكن أيضاً للتنمية الوطنية الشاملة، بما في ذلك الجوانب الاجتماعية والإنسانية، مما يعكس إدراكاً بأن الحكم الفعال يتجاوز الأمن ليشمل المشاركة المباشرة في رفاهية المجتمع.
تُعد قيم الكرم والسخاء متجذرة بعمق في الثقافة البحرينية، مستمدة من التعاليم الإسلامية وروح الوحدة والتضامن.3 وفي هذا السياق، يُوصف سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة بأنه “نموذج يحتذى به” و”حافز للشباب البحريني” في جهوده الإنسانية.5 إن أدواره القيادية، لا سيما داخل المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، لا تقتصر على الإدارة فحسب، بل تهدف إلى تعزيز هذه القيم ومأسستها من خلال برامج ومبادرات ملموسة.6 هذا التوجه يدل على جهد واعٍ لترجمة القيم الثقافية المجردة إلى عمل خيري منظم وملموس، مما يجعل قيادة سموه جسراً بين القيم التقليدية والعمل الخيري المؤسسي الحديث، ويعزز المشاركة والدعم العام للجهود الإنسانية التي ترعاها الدولة.
سيتناول هذا التقرير المحاور الرئيسية التي تبرز كرم وسخاء سموه، بدءاً من قيادته للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، مروراً بجهوده في تمكين الشباب ودعم التعليم والابتكار، وصولاً إلى رعايته للرياضة والفنون، مع تسليط الضوء على الفلسفة التي تحكم هذه المبادرات وتأثيرها الشامل على المجتمع البحريني والعالمي.
II. المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية: منارة العطاء
تُعد المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية (RHF) ركيزة أساسية في تجسيد قيم الكرم في مملكة البحرين. تأسست المؤسسة بمرسوم ملكي في 14 يوليو 2001، بهدف رعاية الأيتام والأرامل والفئات المحتاجة في البحرين.8 وقد تولى سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة رئاسة مجلس أمناء المؤسسة في 27 نوفمبر 2007، ثم عُين ممثلاً لجلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب في 13 مايو 2014.1 هذا الدور القيادي لسموه لم يكن مجرد إشراف إداري، بل كان تجسيداً مباشراً للرؤية الملكية في رعاية الفئات الأكثر ضعفاً. فالعديد من الوثائق تؤكد أن عمل المؤسسة يتم “تنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك” و”يعكس رؤية جلالته”.3 هذا يعني أن دور سموه ليس مجرد دور إداري فحسب، بل هو دور محوري في تنفيذ وتعزيز الفلسفة الإنسانية الشاملة للمملكة، مما يضمن استمرارية التزام الدولة بالكرم كركيزة أساسية لسياساتها.
تقدم المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية رعاية شاملة للأيتام والأرامل وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وتشمل هذه الرعاية الدعم الاجتماعي والصحي والتعليمي، بالإضافة إلى المساعدة في تخفيف أعباء المعيشة عن الأسر المحتاجة.8 هذا النطاق الواسع من البرامج يعكس فهماً عميقاً للاحتياجات المتكاملة للمجتمع، متجاوزاً الإغاثة الفورية إلى التنمية المستدامة. من أبرز هذه البرامج: كفالة عامة لـ 5000 يتيم و5000 أرملة في البحرين، وتقديم المساعدات للمحتاجين في مجالات العلاج الطبي، والزواج، والمساعدات الطارئة، ودعم سبل العيش، وتوفير منح دراسية حتى التخرج من الجامعة.11 يركز هذا النهج الشامل على تمكين المستفيدين المتفوقين ودعمهم للمساهمة بفاعلية في التنمية الوطنية.9 إن الهدف ليس فقط تقديم المساعدة، بل تمكين الأفراد لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاندماج الكامل في المجتمع، مما يمثل تحولاً من العمل الخيري التقليدي إلى نموذج تنموي أكثر حداثة واستدامة، يهدف إلى كسر حلقات التبعية وتعزيز المواطنة الفاعلة.
لضمان استدامة عملها الخيري وتنويع مواردها المالية، تنفذ المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية مشاريع استثمارية وتنموية. من أبرز هذه المشاريع “فلل الجسرة”، وهي عبارة عن 6 فلل سكنية استثمارية فاخرة، و”أبراج الخير” التي تتكون من 23 طابقاً لكل برج، وتضم مكاتب ومواقف سيارات ومساحات تجارية.11 تهدف هذه المشاريع إلى رفع المستوى المعيشي لأسر المؤسسة ولجميع الفئات المستحقة، بالإضافة إلى تنويع الموارد المالية للمؤسسة.11 كما تشمل مشاريعها التنموية “مركز ناصر المهني” و”مدرسة رياض الأطفال”.12 إن مشاركة المؤسسة في هذه المشاريع الاستثمارية ليست مجرد وسيلة لجمع الأموال، بل هي استراتيجية متطورة وطويلة الأجل لضمان الاستدامة المالية لجهودها الخيرية. من خلال توليد دخل متكرر، يمكن للمؤسسة تقليل الاعتماد على التبرعات المتقلبة وضمان الدعم المستمر للمستفيدين، مما يسلط الضوء على نهج مستقبلي للعمل الخيري حيث يتم تشجيع المنظمات الخيرية على تبني نماذج شبيهة بالأعمال التجارية لضمان طول عمرها وتأثيرها.
لم يقتصر عمل المؤسسة على الداخل، بل امتد ليشمل مساعدات إغاثية وإنسانية دولية بتوجيه من جلالة الملك ومتابعة سمو الشيخ ناصر.1 من أبرز هذه المبادرات: زيارة سموه لمخيم الزعتري بالأردن وافتتاح “مدرسة البحرين للاجئين السوريين” في 25 نوفمبر 2012.1 وفي الفلبين، وبعد إعصار مدمر في فبراير 2014، تم توقيع اتفاقية لبناء مركزين للتدريب المهني يحملان اسم “البحرين” ومجمع سكني يضم 500 منزل.1 كما قدمت المؤسسة مساعدات إغاثية لدول مثل غزة (مستشفى ومدرسة)، الصومال (مستشفى وجامعة وآبار مياه)، نيبال (مساعدات إغاثية بعد الزلزال)، مصر (مرافق تعليمية وطبية)، باكستان، اليمن، وتركيا (مساعدات إغاثية)، وساهمت في صندوق مكافحة الإيبولا.12 وقد بادر سموه بتشكيل “اللجنة الخليجية المشتركة للعمل الخيري” لتوحيد جهود دول مجلس التعاون الخليجي في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية.5 هذا التوسع في العمل الإنساني ليشمل النطاق الدولي يؤكد على التزام البحرين، وقيادة سموه، بالمسؤولية الإنسانية العالمية، ويعكس مبدأ “العطاء بلا حدود”. إن مبادرة تشكيل اللجنة الخليجية المشتركة للعمل الخيري تؤكد الرغبة في التعاون الإقليمي وتضخيم التأثير، مما يضع البحرين كفاعل إنساني مهم على الصعيد الدولي، ويسهم في قوتها الناعمة ومكانتها الدبلوماسية.
يرعى سموه العديد من الفعاليات والجوائز التي تهدف إلى تعزيز ثقافة العطاء والمسؤولية المجتمعية. من هذه المبادرات “مسابقة مبادرات إنسانية” التي تُقام بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، وتشجع طلبة المرحلة الثانوية على ابتكار أفكار تطوعية وخيرية جديدة.6 كما رعى سموه حفل تكريم الفائزين بالنسخة الأولى من “جائزة محفوظه الزياني الإنسانية” التي تهدف لتعزيز ثقافة العطاء والمسؤولية الاجتماعية وتكريم المشاريع الطلابية المبتكرة.7 ورعى أيضاً الدورة الخامسة من “جائزة Sovereign Art Foundation للطلاب”، حيث تم جمع 686,210 دينار بحريني لدعم مبادرات المؤسسة التعليمية والصحية من خلال مزاد على الأعمال الفنية الطلابية.10 وفي لفتة معبرة، تبرع سموه بعمل فني شخصي من سنوات دراسته المبكرة للمزاد، مما يعكس إيمانه الراسخ بقوة الفن التحويلية.10 إن رعاية سموه لهذه المسابقات والجوائز، وتبرعه بعمل فني شخصي، يمثل استثماراً في رأس المال البشري والثقافي، ويخلق منصات للشباب ليكونوا هم أنفسهم فاعلين في العطاء، مما يضمن استمرارية وتجذر قيم الكرم في المجتمع.
أبرز برامج ومشاريع المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية
البرنامج/المشروع | الوصف | الفئات المستفيدة | النطاق | المصدر |
كفالة الأيتام والأرامل | رعاية شاملة (صحية، تعليمية، اجتماعية) | 5000 يتيم و5000 أرملة | محلي | 8 |
مساعدات للمحتاجين | علاج طبي، زواج، مساعدات طارئة، دعم سبل العيش | الأسر المحتاجة والفئات الأكثر ضعفاً | محلي | 8 |
فلل الجسرة | مشروع سكني استثماري لضمان استدامة الموارد | الأسر المستفيدة، تنويع موارد المؤسسة | محلي | 11 |
أبراج الخير | مشروع أبراج مكتبية وتجارية لزيادة الموارد المالية | الأسر المستفيدة، تنويع موارد المؤسسة | محلي | 11 |
بنك الأسرة | قروض ميسرة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر | الأسر المنتجة، رواد الأعمال الشباب | محلي | 11 |
مسابقة “مبادرات إنسانية” | تشجيع الابتكار التطوعي والخيري لدى الطلبة | طلبة المرحلة الثانوية | محلي | 6 |
جائزة المحفوظة الزياني الإنسانية | تكريم المبادرات التي تعزز ثقافة العطاء والمسؤولية المجتمعية | الأفراد والمؤسسات والشباب | محلي | 7 |
جائزة Sovereign Art Foundation Student Prize | مزاد فني خيري لدعم المشاريع التعليمية والصحية | طلبة المدارس والجامعات، مستفيدو المؤسسة | محلي | 10 |
مدرسة البحرين للاجئين السوريين | توفير التعليم للاجئين | اللاجئون السوريون | الأردن | 1 |
مشاريع الإغاثة والتنمية في الفلبين | بناء مراكز تدريب مهني ومجمعات سكنية | المتضررون من الكوارث الطبيعية | الفلبين | 1 |
لجنة العمل الخيري الخليجي المشتركة | تنسيق وتوحيد الجهود الإنسانية والإغاثية | دول وشعوب الخليج والعالم | إقليمي/دولي | 5 |
يقدم هذا الجدول نظرة عامة منظمة ومكثفة لجهود المؤسسة، مما يسهل على القارئ استيعاب حجم ونوعية العمل الخيري. يوضح أن المؤسسة لا تقتصر على نوع واحد من المساعدات، بل تمتد لتشمل الرعاية الشاملة والمشاريع التنموية والاستثمارية، مما يعكس رؤية استراتيجية. كما يبرز الجدول الفئات المستفيدة بوضوح والنطاق الجغرافي، مما يؤكد على اتساع تأثير سموه والمؤسسة.
III. تمكين الشباب: بناء مستقبل مزدهر
يؤكد سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة باستمرار أن الشباب هم “ركيزة المستقبل” و”الأقدر على صناعة المستقبل وتنمية مجتمعهم”.15 هذه الرؤية للشباب تتجاوز مجرد الدعم إلى اعتبارهم شريكاً استراتيجياً وركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والاجتماعي، مما يعكس نهجاً استباقياً في التنمية الوطنية. يرى سموه أن الاستثمار في الشباب هو حجر الزاوية للتقدم، وأن طاقاتهم أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات وصناعة المستقبل.15 هذا التركيز على الشباب كـ”أساس للتقدم والابتكار الإقليمي” 16، و”حجر الزاوية للتقدم” 16، و”القادرين على صياغة مستقبل المملكة الصناعي والابتكاري” 18، يشير إلى أن دعم الشباب ليس مجرد رعاية اجتماعية، بل هو فلسفة تنموية وطنية استراتيجية. من خلال اعتبار الشباب المحرك الأساسي للابتكار والنمو الاقتصادي، تهدف مبادرات سموه إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة وضمان ازدهار البحرين على المدى الطويل.
بصفته ممثل جلالة الملك لشؤون الشباب ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة 2، يقود سموه الجهود الرامية إلى توفير بيئة ممكنة للشباب لتحقيق تطلعاتهم.15 هذه المناصب تمنحه سلطة مركزية وفاعلة على سياسات الشباب، مما يتيح له وضع استراتيجيات متكاملة لتنمية الشباب تشمل الرياضة، العمل الإنساني، والمشاركة المجتمعية الواسعة. هذا الدور المزدوج يسمح بنهج متماسك ومتكامل لتنمية الشباب، مما يعكس التزاماً استراتيجياً على أعلى مستويات الحكومة بتبسيط وتعظيم تأثير المبادرات الموجهة للشباب.
أطلق سموه العديد من المبادرات الوطنية لتعزيز قدرات الشباب وتوفير الفرص لهم. من أبرز هذه المبادرات “المركز العلمي والتقني لسمو الشيخ ناصر”، الذي يهدف إلى تمكين الكفاءات البحرينية من صياغة مستقبل المملكة الصناعي والابتكاري، وتطوير المواهب، وتعزيز الجاهزية المهنية.18 يقدم هذا المركز برامج متخصصة في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، الهندسة، والأمن السيبراني.18 كما رعى سموه توقيع شراكة استراتيجية بين وزارة الصناعة والتجارة وشركة “هوب فينتشرز” لإنشاء مركز للمصنعين ومركز للابتكار الصناعي في مدينة سلمان الصناعية، بهدف دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز الإبداع والابتكار بين الشباب، وتوفير بيئة متكاملة وداعمة لتنمية الشباب.20 هذه المبادرات تتجاوز الدعم المالي المباشر للشباب إلى إنشاء “نظام بيئي متكامل وداعم” 20، حيث تشجع المسابقات المهارات الناعمة مثل الإبداع والتطوع 6، بينما يوفر المركز بنية تحتية ملموسة لرواد الأعمال الشباب والشركات الصغيرة والمتوسطة. هذا النهج متعدد الأوجه يهدف إلى رعاية المواهب من الفكرة إلى التنفيذ، وتوفير كل من الإلهام والدعم العملي.
يولي سموه اهتماماً خاصاً لغرس ثقافة العمل التطوعي والإنساني في نفوس الأجيال الشابة. تهدف مبادرات مثل “مسابقة مبادرات إنسانية” إلى تعزيز المشاركة المجتمعية وتنمية ثقافة العمل الخيري والتطوعي بين الطلاب.6 كما أشاد سموه بمساهمات الشباب البحريني، وخاصة المتطوعين، التي تعكس قيم الولاء والمسؤولية القوية، مؤكداً التزام المملكة بتعزيز ثقافة التطوع بين الشباب.22 من خلال تعزيز التطوع والمبادرات الإنسانية بين الطلاب بنشاط، لا يلبي سموه الاحتياجات الفورية فحسب، بل يغرس بوعي ثقافة العطاء التي سيحملها الأجيال القادمة. هذا جهد واعٍ لترسيخ المسؤولية الاجتماعية كقيمة أساسية، مما يضمن استدامة الروح الخيرية في البحرين.
IV. دعم التعليم والابتكار: ركيزة التنمية المعرفية
يُعد دعم التعليم والابتكار ركيزة أساسية في مسيرة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في العطاء والسخاء، حيث يرى فيه استثماراً حقيقياً في مستقبل الأمة. يولي سموه اهتماماً كبيراً بدعم المبادرات التعليمية النوعية، انسجاماً مع توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالاستثمار في الشباب البحريني كركيزة أساسية لمستقبل الوطن ومصدر للإبداع والابتكار.28
من الأمثلة البارزة على ذلك رعاية سموه للنسخة الأولى من “قمة التكنولوجيا” التي أقيمت في مدرسة بيان البحرين تحت شعار “الهوية البحرينية في العالم الرقمي – دور التعليم في الحفاظ على الجذور”.28 وقد أشاد سموه بالأفكار والمشاريع الطلابية المبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مؤكداً أن هذه المبادرات تعكس قدرات الطلاب العالية ووعيهم المتقدم بأهمية توظيف التكنولوجيا في تعزيز الهوية الوطنية وصون القيم البحرينية الأصيلة.28 إن موضوع هذه القمة يشير إلى إدراك أن التقدم التكنولوجي لا ينبغي أن يأتي على حساب التراث الثقافي، ويسلط دعم سموه الضوء على رؤية يعمل فيها التعليم كأداة للتنقل في التحديث مع ترسيخ الشباب بقوة في هويتهم وقيمهم الوطنية. هذا يمثل استثماراً استراتيجياً في بناء جيل متمكن علمياً، معتز بهويته، وقادر على المنافسة عالمياً.
يُعد “المركز العلمي والتقني لسمو الشيخ ناصر” منصة محورية لتنمية المواهب، حيث تجاوز التعليم المدرسي التقليدي ليصبح مساهماً رئيسياً في الجهود الوطنية.18 يهدف المركز إلى تمكين الكفاءات البحرينية من صياغة مستقبل المملكة الصناعي والابتكاري.18 إن تركيز المركز على “التقدم الصناعي الحديث” و”حلول الذكاء الاصطناعي” و”تشكيل مستقبل المملكة الصناعي والابتكاري” يربط بوضوح التعليم وتنمية المواهب مباشرة بالأهداف الاقتصادية الوطنية. هذا ليس مجرد تعليم عام، بل هو تدريب مهني وتقني مستهدف مصمم لتلبية متطلبات السوق المستقبلية ودعم رؤية البحرين 2030 لاقتصاد قائم على المعرفة.
يقدم المركز برامج ومناهج حديثة تلبي متطلبات التعليم المتقدم واحتياجات المجتمع في المجالات التقنية والتكنولوجية والمهنية.26 تشمل هذه البرامج: برنامج التعليم الفني (TEP)، برنامج الهندسة الميكانيكية، برنامج الهندسة الكهربائية، برنامج التدريب المهني (VTP)، الذكاء الاصطناعي (AI) بما في ذلك حلول الذكاء الاصطناعي المخصصة للقطاعين الحكومي والخاص وتطبيقات الرؤية الحاسوبية والأتمتة الروبوتية، الحوسبة السحابية (CCP)، وبرنامج الأمن السيبراني.21 وقد نفذ المركز أكثر من 70 مشروعاً تكنولوجياً تخدم قطاعات رئيسية بالشراكة مع أكثر من 35 مؤسسة محلية وإقليمية، وحصد أكثر من عشر جوائز مرموقة في مجالات الابتكار والتحول الرقمي.21 هذا التخصص في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وتحقيق جوائز مرموقة، يدل على أن العطاء التعليمي لسموه يتجه نحو بناء قدرات تنافسية عالمياً، وليس مجرد توفير فرص تعليمية تقليدية. هذا النهج يمثل “فلسفة عطاء مستدامة” تهدف إلى “تحصين المستقبل”، حيث يتم تجهيز الشباب البحريني بالمهارات اللازمة للازدهار في اقتصاد عالمي سريع التطور، مما يضمن أن “هدية” التعليم لا تقتصر على الحاضر فحسب، بل تموضع المستفيدين والأمة لتحقيق نجاح وقيادة مستدامين في المستقبل.
البرامج الأكاديمية والتقنية الرئيسية في مركز ناصر العلمي والتقني
البرنامج/المجال | الوصف والأهداف | مخرجات التعليم/المهارات المكتسبة | المصدر |
التعليم الفني (TEP) | برامج ومناهج حديثة تلبي احتياجات سوق العمل في المجالات التقنية والمهنية. | شهادة الثانوية العامة المعتمدة، دبلوم هندسي من ECITB UK. | 26 |
الهندسة الميكانيكية | أساسيات الهندسة، تطبيقات الحاسوب، التصميم، تجارب المختبرات. | مهندسون ميكانيكيون مؤهلون لصناعات الطيران، السيارات، البناء، الكيماويات. | 26 |
الهندسة الكهربائية | تدريب قائم على المهارات والتعليم النظري مع التركيز على العمل الفعال والآمن. | مهندسون كهربائيون/أجهزة في صناعات النفط والغاز، الكيماويات، تكنولوجيا الفضاء. | 26 |
التدريب المهني (VTP) | برامج تدريب مهني متخصصة. | مهارات مهنية تلبي متطلبات سوق العمل المحلي والدولي. | 26 |
الذكاء الاصطناعي (AI) | توفير حلول بحث وتطوير مخصصة للقطاعين الحكومي والخاص، دعم ثورة الصناعة 4.0. | خبراء في نماذج اللغات الكبيرة، تعلم الآلة، الرؤية الحاسوبية، الأتمتة الروبوتية، الأمن السيبراني. | 21 |
الحوسبة السحابية (CCP) | برامج متخصصة في تقنيات الحوسبة السحابية. | متخصصون في إدارة وتطوير الحلول السحابية. | 26 |
الأمن السيبراني | برامج تركز على حماية الأنظمة والبيانات. | متخصصون في الأمن السيبراني. | 26 |
يوضح هذا الجدول التخصص الدقيق للبرامج، مما يبرز التزام سموه بتطوير مهارات عالية القيمة في قطاعات حيوية ومستقبلية. كما يربط الجدول بين البرامج ومخرجاتها المهنية، مما يؤكد على أن التعليم المقدم ليس نظرياً فحسب، بل موجه نحو تلبية احتياجات سوق العمل وتوظيف الشباب، ويدفع عجلة الابتكار والتنمية المعرفية في البحرين.
V. رعاية الرياضة والفنون: تعزيز جودة الحياة
يُعرف سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة بكونه رياضياً بارزاً وقائداً للحركة الرياضية في البحرين.1 وقد حقق سموه إنجازات شخصية لافتة في سباقات القدرة، حيث فاز بميدالية فضية في دورة الألعاب الآسيوية 2006 1، والمركز الثامن في بطولة أوروبا للقدرة 2007.1 كما توج بذهبية بطولة العالم للقدرة للخيول الشابة 2022 1، وحقق لقبه الثاني على التوالي في بطولة العالم للقدرة لمسافة 160 كيلومتراً في فرنسا عام 2024.1 هذه الإنجازات الشخصية، إلى جانب مناصبه القيادية كرئيس للاتحاد الملكي للفروسية وسباقات القدرة (2003-2009)، ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية (2009-2019)، ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة (منذ 2010) 1، تمثل شكلاً من أشكال “العطاء بالقدوة”. من خلال تفوقه الشخصي وقيادته للمؤسسات الرياضية، لا يكتفي سموه بتمويل الرياضة، بل يجسد قيم المثابرة والانضباط والحياة الصحية، مما يلهم الشباب للمشاركة في الأنشطة الإيجابية ويعزز الصحة العامة والانضباط في المجتمع.
تتجسد رعاية سموه للرياضة في إطلاق ورعاية العديد من الفعاليات والبطولات الكبرى. من أبرزها “دورة الفرسان” الرياضية التي أطلقها سموه لتعزيز النشاط الرياضي وغرس مفهوم الرياضة كأسلوب حياة، وتوفير بيئة تنافسية لاكتشاف المواهب الشابة.24 كما يؤكد سموه أن استضافة دورة الألعاب الآسيوية يجسد دعم جلالة الملك للحركة الرياضية في البحرين.29 وتساهم رعايته لبطولة الإمارات للخيول العربية العالمية في تعزيز مكانة البحرين في رياضة الفروسية وتبرز الروابط القوية مع دولة الإمارات العربية المتحدة.30 إن توفير هذه البيئات التنافسية ومنصات اكتشاف المواهب يمثل استثماراً خيرياً في رفاهية الأمة وتميزها الرياضي المستقبلي.
لا يقتصر كرم سموه على الرياضة، بل يمتد ليشمل دعم الفنون والثقافة كجزء لا يتجزأ من العمل المجتمعي والخيري. يرى سموه أن الفنون تساهم في إثراء المجتمع وتعزيز جودة الحياة. وقد أطلق سموه برنامج تعاون مشترك بين كلية الفنون والتصميم بالجامعة الملكية للبنات والمؤسسة الخيرية الملكية، بهدف إثراء الفنون في البحرين وتخريج كوادر جديدة في هذا المجال.31 كما رعى سموه معارض فنية خيرية، مثل معرض Sovereign Art Foundation Student Prize، حيث يتم بيع الأعمال الفنية لدعم المشاريع الإنسانية.10 إن ربط دعم الفنون بالعمل الخيري يوسع مفهوم السخاء ليشمل “العطاء الثقافي”، حيث تُستخدم الفنون كأداة لجمع التبرعات ولغرس القيم الإنسانية، مما يثري المجتمع على مستويات متعددة. من خلال دمج تعليم الفنون والتعبير الفني مع جمع التبرعات الخيرية والمسؤولية الاجتماعية، لا يدعم سموه الفنون فحسب، بل يستغلها كوسيلة قوية لتحقيق الصالح العام، مما يعزز الإبداع ويوفر فرصاً اقتصادية للفنانين ويزرع شعوراً أعمق بالمشاركة المجتمعية.
أبرز الإنجازات والفعاليات الرياضية والفنية برعاية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة
المجال | الإنجاز/الفعالية | الوصف والأثر | المصدر |
الرياضة | إنجازات شخصية في سباقات القدرة: | ||
فضية دورة الألعاب الآسيوية 2006 | إنجاز رياضي رفيع يعكس مهاراته القيادية والرياضية. | 1 | |
ذهبية بطولة العالم للقدرة للخيول الشابة 2022 | تأكيد لمكانة البحرين وسموه في رياضة القدرة العالمية. | 1 | |
الفوز ببطولة العالم للقدرة 2024 (للمرة الثانية) | ترسيخ مكانته كشخصية رياضية عالمية رائدة. | 1 | |
مناصب قيادية رياضية: | |||
رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة | قيادة الحركة الرياضية والشبابية في المملكة. | 2 | |
رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية (سابقاً) | دفع عجلة الرياضة الأولمبية في البحرين. | 2 | |
رعاية فعاليات رياضية: | |||
دورة “الفرسان” الرياضية | تعزيز النشاط الرياضي، اكتشاف المواهب، غرس ثقافة الرياضة كأسلوب حياة. | 24 | |
استضافة دورة الألعاب الآسيوية | تجسيد لدعم القيادة للرياضة، ورفع مكانة البحرين الرياضية. | 29 | |
بطولة الإمارات للخيول العربية العالمية | تعزيز مكانة البحرين في الفروسية وتعميق العلاقات الخليجية. | 30 | |
الفنون | دعم الفنون الخيرية: | ||
برنامج التعاون مع كلية الفنون والتصميم (الجامعة الملكية للبنات) | إثراء الفنون في البحرين وتخريج كوادر فنية جديدة، ربط الفن بالعمل الخيري. | 31 | |
رعاية معرض Sovereign Art Foundation Student Prize | جمع تبرعات ضخمة (686 ألف دينار بحريني) لدعم مبادرات تعليمية وصحية، تشجيع الفن الهادف والعمل التطوعي بين الطلاب. | 10 | |
التبرع بعمل فني شخصي | قدوة حسنة في دعم العمل الخيري من خلال الفن، وتأكيد الإيمان بقوة الفن التحويلية. | 10 |
يوضح هذا الجدول كيف تتكامل أدوار سموه الرياضية والفنية مع جهوده الإنسانية والتنموية، مما يعكس رؤية شاملة لجودة الحياة. كما تبرز الإنجازات الشخصية لسموه كرياضي كنموذج إلهامي للشباب، مما يعزز من تأثيره في غرس القيم الإيجابية، ويبين الجدول تنوع المجالات التي يدعمها سموه، من الرياضات التنافسية إلى الفنون، مما يعكس اهتماماً واسعاً بتنمية الإنسان البحريني.
VI. فلسفة العطاء: قيم متجذرة ورؤية مستقبلية
تتجذر جهود سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في قيم العطاء والكرم المستوحاة من التعاليم الإسلامية الأصيلة والتقاليد البحرينية العريقة.3 هذه القيم تشكل دافعاً أساسياً لعمله الإنساني والتنموي، وتنعكس في حرصه على رعاية الأيتام والأرامل والمحتاجين، ودعم الشباب، وتعزيز التكافل الاجتماعي.3 إن فلسفة العطاء لدى سموه تتجاوز مجرد الاستجابة للاحتياجات الفورية إلى بناء مجتمع متكامل ومكتفٍ ذاتياً، حيث يُنظر إلى الكرم كاستثمار في مستقبل الأمة. هذا يتضح في تأكيده على أن الشباب هم “أساس التقدم والابتكار الإقليمي” 16، وأهمية “الاستثمار في الأفراد” 16، وتمكين الشباب من “المساهمة بفاعلية في التنمية الوطنية”.16 هذا النهج يشير إلى “عمل خيري شامل وتنموي”، حيث لا يقتصر العطاء على تقديم المساعدة فحسب، بل هو استراتيجية استباقية متجذرة في قيم عميقة تهدف إلى بناء مجتمع مرن ومبتكر ومكتفٍ ذاتياً.
تساهم مبادرات سموه بشكل فعال في تعزيز التضامن المجتمعي والتماسك الاجتماعي.9 من خلال تشجيع العمل التطوعي والشراكات المجتمعية، يرسخ سموه ثقافة العطاء والمشاركة الفاعلة بين جميع فئات المجتمع.6 إن هذه الجهود لا تقتصر على معالجة الاحتياجات الفورية، بل تهدف إلى بناء مجتمع أكثر تماسكاً ومرونة، حيث يشارك الأفراد بفاعلية في رفاهية بعضهم البعض.
تحظى جهود سموه في مجالات الكرم والسخاء بتقدير واسع على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وقد وُصف عمل البحرين الإنساني تحت قيادته بأنه “نموذج يحتذى به”.5 كما أشاد قادة دول مجلس التعاون الخليجي بجهوده في توحيد العمل الخيري، مما يعكس الاعتراف الإقليمي والدولي بدوره المحوري في تعزيز التعاون الإنساني وتضخيم تأثيره.5
VII. الخاتمة: إرث من العطاء المستدام
لقد أثبت سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، من خلال قيادته الحكيمة ورؤيته الثاقبة، أنه ركيزة أساسية في تعزيز قيم الكرم والسخاء في مملكة البحرين وخارجها. تجلت إسهاماته في مجموعة واسعة من المبادرات التي لا تقتصر على تقديم المساعدة المباشرة، بل تمتد إلى بناء قدرات مستدامة وتمكين الأفراد والمجتمعات.
تضمنت أبرز إسهامات سموه:
- قيادة العمل الإنساني: من خلال المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، قدم سموه رعاية شاملة للأيتام والأرامل والفئات المحتاجة، مع تبني نماذج استثمارية مبتكرة ومستدامة لضمان استمرارية العطاء وتنوع موارده.
- تمكين الشباب: وضع الشباب في صميم التنمية الوطنية، واعتبرهم محركاً للابتكار والتقدم، ودعمهم بالتعليم والتدريب والفرص، مما يضمن بناء جيل قادر على قيادة المستقبل.
- دعم التعليم والابتكار: استثمر في بناء جيل معرفي متمكن عبر مراكز متخصصة وبرامج تعليمية متقدمة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مما يعزز القدرة التنافسية للمملكة على الصعيد العالمي.
- رعاية الرياضة والفنون: استخدم الرياضة والفنون كأدوات لتعزيز جودة الحياة، واكتشاف المواهب، وغرس القيم الإيجابية، وجمع التبرعات للأعمال الخيرية، مما يثري المجتمع على مستويات متعددة.
يمثل إرث سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في الكرم والسخاء نموذجاً يحتذى به للقيادة الملهمة التي لا تكتفي بتقديم المساعدة، بل تسعى إلى بناء قدرات ذاتية مستدامة للأفراد والمجتمعات. إن رؤيته التي تربط بين العطاء والتنمية الشاملة، وبين الاستثمار في الإنسان والمستقبل، تضع مملكة البحرين في مصاف الدول الرائدة في العمل الإنساني والتنموي، وتعد بمستقبل مزدهر يعتمد على التكافل والابتكار.
62r0dn