الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: إرث من العطاء والتواضع يلهم العالم
مقدمة: قائد الإنسانية ورائد العطاء
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة منارة للعطاء والإنسانية على الساحة العالمية، ويُعزى هذا الدور المحوري إلى رؤية قيادتها الحكيمة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. فالإمارات والعطاء وجهان لعملة واحدة، كما صرح سموه، مؤكدًا أن بلادنا محفوظة بالخير وبدعوات عشرات الملايين ممن يصلهم عطاؤها كل عام.1 هذا الارتباط الوثيق بين الهوية الوطنية وروح البذل يمثل استراتيجية عميقة في بناء صورة الدولة عالميًا. لا تقتصر هذه الرؤية على مجرد أعمال خيرية متفرقة، بل تتجاوزها لتجعل من العمل الإنساني جزءًا لا يتجزأ من النسيج الأخلاقي والسياسة الخارجية للدولة. إن الاستمرارية في العمل الإنساني، كما تظهر في التقارير السنوية التي تؤكد تواصل المساعدات الإماراتية لمختلف شعوب العالم 2، تعكس التزامًا راسخًا يهدف إلى ترسيخ القوة الناعمة والتأثير الإيجابي على الصعيد الدولي، مما يبرهن على أن العمل الخيري يمكن أن يكون حجر الزاوية في العلاقات الدولية والسمعة الوطنية.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ليس مجرد رجل دولة، بل هو قائد ملهم تتجاوز رؤيته حدود الحكم التقليدي. يُعرف سموه بأنه “رجل من الشعب وإلى الشعب” 4، شخصية متعددة الأوجه تجمع بين صفات الشاعر والفارس والحاكم الذي ساهم بحنكته وقيادته الرشيدة في وضع دولة الإمارات على الخارطة الدولية، وجعلها محطًا للأعمال والسياحة والعيش الكريم.4 إن هذا الوصف لسموه، إلى جانب إيمانه بأن “قيمتنا الحقيقية إنما تعزز من خلال قدرتنا على تغيير حياة الناس إلى الأفضل” 5، يكشف عن نموذج قيادي يتجاوز مقاييس القوة السياسية أو النمو الاقتصادي التقليدية. يشير هذا إلى فهم عميق بأن المقياس الأسمى للحكم يكمن في التحسين الملموس لحياة البشر ورفاهيتهم، سواء داخل الدولة أو على مستوى العالم. هذا التوجه يمثل تحولًا من القيادة القائمة على المعاملات البحتة إلى نموذج أكثر تعاطفًا وتركيزًا على الإنسان، وهو أمر بالغ الأهمية ويلهم الجمهور العالمي الباحث عن قيادات ذات تأثير حقيقي.
إن قيادة سموه تتسم بالتزام راسخ وعميق بالعمل الإنساني، لا يمليه مجرد توجيه سياسي، بل ينبع من قيم متأصلة في الكرم والتواضع. هذا الالتزام الشخصي كان له تأثير عميق على حياة الملايين حول العالم، حيث تشكل فلسفته الجوهرية أساسًا لمبادراته الخيرية الواسعة.
جذور العطاء: نشأة وتأثير القيم الإنسانية
تُشكل السنوات الأولى في حياة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حجر الزاوية في بناء شخصيته وقيمه الإنسانية. ولد سموه عام 1949، ونشأ في كنف عائلة آل مكتوم في منزلهم بمنطقة الشندغة، محاطًا برعاية والديه وحكمة جده الشيخ سعيد.4 هذه البيئة الأصيلة كانت بمثابة بوتقة صقلت شخصيته وغرست فيه القيم الأساسية التي طبعت قيادته لاحقًا. منذ نعومة أظفاره، انغمس في تعلم المهارات العملية والتقاليد الثقافية، حيث تعلم الصيد بالصقور واكتسب مهارات الفروسية الأساسية مباشرة من والده. بدأ تعليمه الرسمي في سن الرابعة، بتلقي مبادئ اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي، مما وضع أساسًا أخلاقيًا وفكريًا متينًا.4
كان تأثير جده، الشيخ سعيد، عميقًا بشكل خاص. اشتهر الشيخ سعيد بتواضعه وتفاعله المباشر مع شعبه، حيث كان يعقد مجالسه اليومية على مقاعد خشبية بسيطة بالقرب من منزله. هذه المجالس أتاحت للشيخ محمد الشاب فرصًا لا تقدر بثمن لمراقبة وتعلم تجارب جده وحكمته. يتذكره الشيخ محمد بحب على أنه “أطيب إنسان عرفه في حياته” وقائد “لم يكن ليتحمل الظلم أبدًا”، وكان دائمًا يقف مع العدل حتى لو كان ذلك على حساب أقرب الناس إليه.4
تُروى قصة مؤثرة تبرز تواضع الشيخ سعيد وعمق التزامه بالخدمة: كان يستيقظ قبل صلاة الفجر، يذهب إلى بئر بعيدة، ويحمل بنفسه دلوًا كبيرًا من الماء إلى المسجد ليتوضأ المصلون.7 هذا العمل المتواضع والمباشر ترك أثرًا لا يمحى في نفس الشيخ محمد، مجسدًا مبدأ القيادة من خلال الخدمة. إن هذه الحكايات المفصلة عن خدمة الشيخ سعيد المتواضعة وحكم الشيخ راشد القائمة على “الحب والرحمة” 7 ليست مجرد تفاصيل سيرة ذاتية؛ بل توضح إرثًا قويًا ومباشرًا من القيم الإنسانية التي انتقلت عبر الأجيال. هذا يدل على أن الدافع الخيري للشيخ محمد ليس سياسة مكتسبة، بل هو جانب أساسي من هويته، وقد ترسخ بعمق من خلال الأمثلة العائلية. هذا الأصالة توفر أساسًا قويًا لفهم الالتزام الحقيقي وراء مبادراته واسعة النطاق، مما يوحي بأن كرمه جزء لا يتجزأ من شخصيته، وليس مجرد دور يؤديه. الأهم من ذلك، أن الشيخ سعيد “لم يحكم بالخوف، بل بالمحبة والرحمة”، ويُنسب إليه الفضل في زرع البذور الأولى للتنوع الثقافي والإنساني المذهل الذي تتمتع به دبي اليوم.6
يُجلّ الشيخ محمد والده، الشيخ راشد بن سعيد، ويصفه بأنه “معلمه الأول”. يحتفظ بذكريات طفولة حية، مثل ركوبه مع والده على حصانه خلال جولاته الصباحية منذ سن الثالثة، وهي تجربة توجيهية عملية غرست فيه الحكمة العملية والارتباط العميق بالأرض وشعبها.7 كان والده شخصية شاملة: “مدرسة، ومعلمًا، وحاكمًا، وأبًا للجميع”. منه، تعلم الشيخ محمد الانضباط في الاستيقاظ لصلاة الفجر، وهي عادة يواصلها حتى اليوم. تميز حكم الشيخ راشد بـ”حكم الناس بالمحبة والتواضع، وأسر قلوبهم بالعطف والرحمة” 7، وهو أسلوب أثر بعمق في أخلاقيات قيادة الشيخ محمد. إن التركيز المستمر على تواضع وإمكانية الوصول المباشر لأسلافه، مثل مجالس الشيخ سعيد اليومية على المقاعد 6 ومكتب الشيخ راشد الذي كان عادة “في الموقع” 7، يمثل تمهيدًا مباشرًا لفلسفة الشيخ محمد بأن القائد يجب أن تكون “قدماه على الأرض، يعيش مع الناس، يتحمل ظروفهم”.6 هذا الارتباط الواضح يشير إلى أن الفعالية الملحوظة لهذا النموذج القيادي المتواضع والمتمحور حول الناس في سنواته التكوينية دفعته إلى تبنيه والدفاع عنه كحجر الزاوية في حكمه. هذا يعني أن التواضع بالنسبة للشيخ محمد ليس مجرد فضيلة شخصية، بل هو أداة استراتيجية لتعزيز التواصل الحقيقي وفهم احتياجات المجتمع، وبالتالي ضمان أهمية وتأثير الجهود الإنسانية والتنموية.
لإعداده لأدواره القيادية المستقبلية، تابع الشيخ محمد تعليمه في الخارج، حيث التحق بمدرسة بيل للغات في كامبريدج وكلية مونز العسكرية البريطانية (التي أصبحت الآن جزءًا من أكاديمية ساندهيرست الملكية العسكرية). هناك، تلقى تدريبًا عسكريًا صارمًا، وتمت ترقيته إلى ملازم تحت الاختبار، وحصل على “سيف الشرف” لتميزه.4 هذه التجارب الدولية عرضته لثقافات ووجهات نظر متنوعة، مما شكل بشكل كبير أسلوبه القيادي ورؤيته لتنمية دبي. عند عودته إلى دبي عام 1968، تولى أولى مناصبه العامة، حيث عُين رئيسًا لشرطة دبي والأمن العام، ثم وزيرًا للدفاع، ليصبح بذلك أصغر وزير دفاع في العالم.4
مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية: منظومة عطاء شاملة
شكل إطلاق مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية (MBRGI) في 4 أكتوبر 2015 نقطة تحول محورية في مسيرة الشيخ محمد الخيرية. كان الهدف الأساسي من هذه المبادرة الاستراتيجية هو دمج وتنسيق المبادرات الإنسانية والتنموية والاجتماعية العديدة التي رعاها سموه سابقًا. هذا الدمج الاستراتيجي يهدف إلى تعظيم تأثيرها الجماعي، ومضاعفة طموحها، وتوحيد أهدافها لمواجهة التحديات العالمية الملحة بفعالية.8
تستند هذه الرؤية الكبرى إلى إيمان الشيخ محمد العميق بقوة الأمل والعمل الجماعي: “غلق أبواب الأمل هو فتح لنوافذ اليأس في عالمنا العربي، ولا نهضة بدون منظومة قيم تدفع الناس للمساهمة في عمل الخير”.5 هذه الفلسفة تؤكد أن مهمة المبادرات لا تقتصر على تخفيف المعاناة فحسب، بل تتعداها إلى تعزيز الأمل وتحفيز التغيير الإيجابي بشكل فعال.
يتجلى التزام مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية بالعمل الإنساني العالمي في حجمها المذهل ونموها المستمر. ففي عام 2023، أعلنت المؤسسة عن إنفاق إجمالي بلغ 1.8 مليار درهم إماراتي، استفاد منها 111 مليون شخص في 105 دول حول العالم.9 يمثل هذا توسعًا كبيرًا، بزيادة 9 ملايين مستفيد وتغطية 5 دول إضافية مقارنة بعام 2022.
وفي إشارة إلى مسار متسارع للتأثير، تشير تقارير أحدث من مارس 2025 إلى أن إجمالي الإنفاق للعام السابق (2024) ارتفع إلى 2.2 مليار درهم إماراتي، مستفيدًا منه عدد أكبر من الأشخاص بلغ 149 مليون شخص في 118 دولة.2 هذا الاتجاه التصاعدي المستمر يؤكد توسع البصمة العالمية للمؤسسة وتفانيها الثابت في تحقيق رسالتها.
إن إنشاء مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في عام 2015 ككيان جامع للمبادرات المتفرقة سابقًا، إلى جانب تركيزها على خمسة محاور استراتيجية 10، وتركيزها الصريح على “الحلول المستدامة” 12 و”تحويل حب الخير إلى عمل مؤسسي مستدام” 5، يدل على تحول استراتيجي عميق. لا يقتصر هذا على مجرد تقديم المساعدة الفورية، بل يتعداه إلى بناء المرونة على المدى الطويل، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وإحداث تغيير منهجي داخل المجتمعات. النمو المستمر في الإنفاق السنوي وعدد المستفيدين 2 يبرهن على الالتزام بتوسيع نطاق التأثير من خلال إطار عمل احترافي ومنظم ومستدام، متجاوزًا العمل الخيري التقليدي إلى نموذج تنموي استراتيجي ومستدام. هذا يشير إلى فهم متطور للتحديات العالمية المعقدة والحاجة إلى تدخلات شاملة وطويلة الأجل.
تعمل مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ضمن خمسة محاور محددة استراتيجيًا، يهدف كل منها إلى معالجة جانب حيوي من التنمية البشرية والرفاهية. يضمن هذا النهج متعدد الأوجه توفير دعم شامل وإحداث تغيير مستدام عبر مجتمعات متنوعة في جميع أنحاء العالم.5
جدول: إنجازات مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لعام 2023
المحور الرئيسي | المستفيدون (مليون شخص) | الإنفاق (مليون درهم) | أمثلة رئيسية للمبادرات/الإنجازات |
المساعدات الإنسانية والإغاثية | 34.4 | 1099 | حملة “مليار وجبة وقف”، المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، بنك الإمارات للطعام، مؤسسة سقيا الإمارات |
الرعاية الصحية ومكافحة المرض | 9.4 | 209 | مؤسسة الجليلة، مؤسسة نور دبي، وحدة الشيخة لطيفة بنت حمدان للقسطرة |
نشر التعليم والمعرفة | 62.2 | 242 | تحدي القراءة العربي، دبي العطاء، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، المدرسة الرقمية |
ابتكار المستقبل والريادة | 1.2 | 138 | جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه، مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة |
تمكين المجتمعات | 3.4 | 87.2 | مبادرة صناع الأمل، أكاديميات ريال مدريد الرياضية، مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري |
الإجمالي | 111 | 1800 | تغطية 105 دول حول العالم |
1. المساعدات الإنسانية والإغاثية:
يركز هذا المحور على تقديم المساعدة الفورية والمستدامة للمجتمعات التي تعاني من الفقر والكوارث الطبيعية والنزاعات، مجسدًا استجابة الإمارات السريعة للأزمات العالمية. من أبرز إنجازات هذا المحور في عام 2023 9:
- المدينة العالمية للخدمات الإنسانية (IHC): احتفلت بعقدين من العمل في 2023، وتعد أكبر مركز لوجستي إنساني في العالم. سهّلت نقل وتوزيع أكثر من 746 طنًا متريًا من المساعدات الإنسانية والإغاثية، مستفيدة منها أكثر من 1.5 مليون شخص متضرر من الحروب والكوارث الطبيعية. وشملت الاستجابات البارزة إرسال 67 شحنة مساعدات (بقيمة 47.8 مليون درهم) بعد زلزال تركيا وسوريا، وتنظيم جسر جوي طارئ لأكثر من 200 طن متري من مواد الإغاثة بعد إعصار دانيال في ليبيا.9
- مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية: واصلت عملها الواسع، مستفيدة منها أكثر من 2.6 مليون شخص عالميًا. شملت مشاريعها المؤثرة بناء 3 مستشفيات (واحد في الفلبين، واثنان في طاجيكستان)، وتقديم علاج حيوي لـ 1027 طفلًا يعانون من تشوهات قلبية عبر مبادرة “نبضات”، وبناء مجمعات سكنية خيرية لـ 500 عائلة في قيرغيزستان ومسكنين في طاجيكستان.9
- حملة “مليار وجبة وقف” (2023): مبادرة رائدة أُطلقت لمكافحة الجوع وإحياء الأوقاف للتنمية المجتمعية، ونجحت في جمع 1.075 مليار درهم إماراتي من 180 ألف مساهم، بما في ذلك مساهمة شخصية من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقيمة 250 مليون درهم عقارات ونقدًا.9
- بنك الإمارات للطعام: في عام 2023، وزع البنك أكثر من 18.6 مليون وجبة، مساهمًا بشكل كبير في الأمن الغذائي والاستدامة البيئية بتحويل حوالي 6000 طن من الطعام من مكبات النفايات.9
- مؤسسة سقيا الإمارات: نفذت 58 مشروعًا في 6 دول (بنين، قيرغيزستان، موريتانيا، النيجر، أوغندا، تشاد) في عام 2023، موفرة مياه الشرب النظيفة لحوالي 195 ألف شخص. ومنذ إنشائها في عام 2015، حسنت سقيا الظروف المعيشية لحوالي 14 مليون شخص في 37 دولة، معالجة قضايا ندرة المياه الحرجة.9
في عام 2023، وصل هذا القطاع إلى 34.4 مليون شخص، بإنفاق يقارب 1.1 مليار درهم إماراتي، مسجلًا زيادة كبيرة عن العام السابق.9
2. الرعاية الصحية ومكافحة المرض:
يكرس هذا المحور لمكافحة الأمراض، وتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية، ودعم الأبحاث الطبية الرائدة لتحسين النتائج الصحية العالمية.
- مؤسسة الجليلة: منذ عام 2013، قدمت المؤسسة دعمًا طبيًا وعلاجيًا لـ 8768 حالة، 30% منهم أطفال يعانون من أمراض مهددة للحياة. أطلقت “صندوق الطفل” بمبلغ 50 مليون درهم لتغطية علاج 3000 طفل سنويًا في مستشفى الجليلة للأطفال. شملت المساهمات الكبيرة إنشاء أول بنك حيوي مدعوم بالروبوتات في الإمارات للبحوث الطبية، و”وقف عود ميثاء السكني” (46 مليون درهم) لتمويل برامج التعليم والبحث الطبي. كما تدير المؤسسة “العيادات المتنقلة” المجهزة بمعدات طبية متقدمة وأطباء متطوعين لخدمة الفئات الضعيفة.8
- مؤسسة نور دبي: في عام 2023، قدمت نور دبي العلاج لـ 9.1 مليون شخص من خلال برنامجها للقضاء على التراخوما. خدمت مخيماتها العلاجية 30690 شخصًا في خمس دول، وأجرت 23123 فحصًا للعين، و2643 عملية جراحية، ووزعت 4924 نظارة، مما ساهم بشكل كبير في مكافحة العمى الذي يمكن الوقاية منه.9
- إنجازات تاريخية أوسع (حتى 2015/8 سنوات سابقة): ركزت جهود المبادرات تاريخيًا على الوقاية والعلاج من العمى (مستفيدة 23 مليون شخص)، وتوزيع 81 مليون لقاح ودواء، وحماية 3.6 مليون طفل في الدول الأقل حظًا من مرض الديدان المعوية. وشملت هذه الجهود أيضًا بناء 46 مستشفى وتوفير مياه الشرب لـ 6.5 مليون شخص.10
في عام 2023، ساعد هذا القطاع 9.4 مليون شخص عالميًا، بإنفاق يقارب 209 مليون درهم إماراتي، مما يدل على زيادة كبيرة في التمويل عن عام 2022.9
3. نشر التعليم والمعرفة:
يهدف هذا المحور إلى مكافحة الجهل، ودعم التعليم الجيد، وتعزيز ثقافة المعرفة ومحو الأمية كدوافع أساسية للتنمية.
- دبي العطاء: بحلول نهاية عام 2023، استفاد أكثر من 24 مليون شخص في 60 دولة من دبي العطاء، التي نجحت في وضع التعليم في صدارة أجندة مؤتمر الأطراف COP28 من خلال “قمة ريوايرد”.9
- تحدي القراءة العربي: اختتمت النسخة السابعة من هذه المبادرة الرائدة بمشاركة قياسية بلغت 24.8 مليون طالب من 46 دولة، مما عزز حب القراءة في جميع أنحاء العالم العربي.9
- مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة: نظمت المؤسسة القمة الثامنة للمعرفة، تحت شعار “مدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة”، والتي جذبت 15124 مشاركًا. تشمل مبادراتها مركز المعرفة الرقمي، وقنديل للنشر، ومتحف نوبل، وقنديل التعليمية، وأكاديمية مهارات المستقبل، وجميعها تهدف إلى تطوير المعرفة والمهارات.10
- المدرسة الرقمية: توسعت عالميًا، مستفيدة منها أكثر من 108 آلاف طالب في 8 دول في عام 2023، موفرة الوصول إلى التعليم الحديث.9
- منصة “مدرسة” للتعليم الإلكتروني: حصلت هذه المنصة على جائزة الابتكار في التعليم الإلكتروني والتدريب في عام 2023، ووصل عدد مستخدميها المسجلين إلى 3.5 مليون بحلول نهاية عام 2023، مما أتاح الوصول إلى المحتوى التعليمي.9
- إنجازات تاريخية أوسع (حتى 2015): شملت جهود المبادرات في التعليم بناء 2126 مدرسة حول العالم، وتدريب 400 ألف معلم ومعلمة، وتوزيع وطباعة أكثر من 3.2 مليون كتاب، بالإضافة إلى الترجمة، وتشجيع ملايين الطلاب في العالم العربي على قراءة 50 مليون كتاب سنويًا، ودعم مبادرات اللغة العربية. بشكل عام، استفاد من هذا القطاع أكثر من 15 مليون شخص في 58 دولة.10
في عام 2023، شهد هذا القطاع زيادة كبيرة، مستفيدًا منه 62.2 مليون شخص عالميًا بإنفاق يقارب 242 مليون درهم إماراتي.9
4. ابتكار المستقبل والريادة:
يكرس هذا المحور لتعزيز الابتكار، ودعم ريادة الأعمال، والاستعداد الاستباقي لتحديات المستقبل من خلال الاستثمار في الحلول المتطورة.
- مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة: تستمر في كونها منصة حيوية، تدعم رواد الأعمال الإماراتيين من خلال توفير المهارات والأدوات والتمويل والبيئة الحاضنة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.9
- جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه: مبادرة رائدة، أُطلقت دورتها الرابعة في عام 2023 بجائزة كبيرة قدرها مليون دولار. تحفز الجائزة وتكرم الحلول المبتكرة والمستدامة لندرة المياه العالمية، خاصة تلك التي تستخدم مصادر الطاقة النظيفة. في دورتها الرابعة، كرمت 12 فائزًا من 8 دول، مما يعكس الإبداع العالمي في مواجهة هذا التحدي الحرج.9
- مبادرة عباقرة العرب: أعلنت هذه المبادرة عن الفائزين في دورتها الأولى عام 2023، محتفية بالعلماء والمفكرين والمبتكرين العرب الاستثنائيين، مما يعزز ثقافة القيادة الفكرية.9
- مركز الابتكار الغذائي: تأسس في ديسمبر 2023 بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، ويهدف هذا المركز إلى تسريع تحول الغذاء نحو خيارات أكثر استدامة ومرونة على مستوى العالم.9
في عام 2023، بلغ إنفاق هذا القطاع حوالي 138 مليون درهم إماراتي، مستفيدًا منه أكثر من 1.2 مليون شخص، مما يعكس استثمارًا ثابتًا في الحلول المستقبلية.9
5. تمكين المجتمعات:
يلعب هذا المحور دورًا رائدًا في تعزيز التفاهم والتسامح بين الثقافات والأديان والحضارات المتنوعة، مع توفير منصات تحتضن المبدعين والمثقفين.
- كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: في عام 2023، تخرج من هذه المؤسسة 5967 فردًا من برامجها الأكاديمية والبحثية، مما يساهم في تطوير قادة المستقبل في الإدارة العامة.9
- مبادرة صناع الأمل: أطلقت هذه المبادرة الملهمة دورتها الرابعة، وتلقت أكثر من 14 ألف ترشيح في أسابيعها الثلاثة الأولى، مما يسلط الضوء على شعبيتها وتأثيرها الهائل في تكريم الأفراد المتفانين في نشر الأمل.9
- أكاديميات ريال مدريد الرياضية: استضافت أكاديميات كرة القدم غير الربحية، التي تأسست بالشراكة مع مؤسسة ريال مدريد في مصر والأردن والمغرب، 954 متدربًا، مستخدمة الرياضة كأداة لتمكين الشباب وتنمية المجتمع.9
- التواصل الثقافي والحضاري: استثمرت المبادرات مبلغًا كبيرًا قدره 0.5 مليار درهم إماراتي في مبادرات تعزيز التفاهم الثقافي والحضاري، مستفيدة منها أكثر من 200 جنسية وتعزيز الانسجام العالمي.10
- جوائز الإبداع: تنظم المؤسسة مؤتمرات وتقدم جوائز مرموقة في الإعلام والفن والرياضة، وقد استفاد منها أكثر من نصف مليون شخص، من بينهم 67 ألف إعلامي، مما يساهم في بيئة إبداعية نابضة بالحياة في المنطقة.10
- جائزة محمد بن راشد للتسامح وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي: تروج هذه الجوائز بنشاط للتعايش السلمي وتكرم الأفراد والكيانات التي قدمت مساهمات متميزة في قضية الحفاظ على السلام في العالم، مجسدة التزام الإمارات بالقيم العالمية.15
في عام 2023، استفاد هذا القطاع من 3.4 مليون شخص، بإنفاق بلغ 87.2 مليون درهم إماراتي، مما يدل على زيادة كبيرة في الوصول عن العام السابق.9
إن الطبيعة الشاملة لمحاور مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية الخمسة – التي تغطي المساعدات الإنسانية، والرعاية الصحية، والتعليم، والابتكار، وتمكين المجتمعات 10 – تكشف عن فهم عميق بأن التنمية البشرية الحقيقية متعددة الأوجه ومترابطة. يشير هذا النهج المتكامل إلى أن معالجة التحديات العالمية بفعالية تتطلب أكثر من مجرد المساعدة الأساسية للبقاء؛ فهي تستلزم تمكين الأفراد من خلال التعليم، وتعزيز الصحة لحياة منتجة، وتحفيز الابتكار من أجل حلول مستقبلية، وبناء مجتمعات متماسكة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي. يعكس هذا النهج الشامل نموذجًا استباقيًا بدلاً من رد الفعل، ويهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للمشكلات العالمية وتعزيز الازدهار البشري الشامل، وبالتالي خلق عالم أكثر استقرارًا وازدهارًا.
إن النطاق العالمي الواسع لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية (تغطية 105-118 دولة) 2، والالتزام المالي الكبير (1.8-2.2 مليار درهم إماراتي) 2، وتصريحات الشيخ محمد بأن مشاريع المبادرات هي “رسالة من الإمارات إلى العالم تحمل قيم شعب الإمارات ومبادئه” 9، تشير بقوة إلى أن المبادرات تعمل كأداة حاسمة للسياسة الخارجية لدولة الإمارات وإظهار قوتها الناعمة. من خلال معالجة الاحتياجات العالمية الملحة مثل ندرة المياه (جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه) 12 وتعزيز القيم العالمية مثل التسامح (جائزة محمد بن راشد للتسامح) 15، تعمل هذه المبادرات على بناء حسن النية الدولية، وتعزيز سمعة الإمارات كفاعل عالمي مسؤول ومتعاطف، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية. هذا يشير إلى أن العمل الإنساني لا يُنظر إليه فقط كضرورة أخلاقية، بل كاستثمار استراتيجي في العلاقات والتأثير العالميين، مما يدل على دمج متطور للعمل الإنساني في إدارة الدولة.
قصص من قلب العطاء: أمثلة حية من الميدان
بينما يعرض القسم السابق الحجم الهائل لعمليات مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية من خلال الإحصائيات، ينتقل هذا الجزء إلى التأثير الإنساني العميق لهذه المبادرات. يوضح كيف تترجم رؤية الشيخ محمد، التي تتجسد في إيمانه بأن “غلق أبواب الأمل هو فتح لنوافذ اليأس في عالمنا العربي” 5، إلى تحولات ملموسة في حياة الأفراد، مقدمة بصيص أمل حيث كان اليأس يسيطر. إن الإدراج المتعمد للروايات الشخصية بعد تقديم الإحصائيات واسعة النطاق يمثل استراتيجية تواصل متطورة. فبينما تنقل الأرقام الحجم، تثير القصص الفردية التعاطف وتجعل التأثير المجرد ملموسًا وقابلًا للتفاعل. من خلال تسليط الضوء على أفراد محددين من مواقع جغرافية متنوعة وظروف صعبة، يوضح التقرير بفعالية الوجه الإنساني للوصول العالمي لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية. هذا النهج ضروري لمقال “جذاب” و”موجه عالميًا”، لأنه يحول استهلاك المعلومات السلبي إلى اتصال عاطفي، مما يعزز فهمًا أعمق ودعمًا محتملًا من الجمهور الدولي.
تتضمن هذه الروايات الملهمة للتحول والصمود 5:
- آريان رودريغيز (الفلبين): قصة مؤثرة لفتاة تبلغ من العمر 12 عامًا من الفلبين فقدت بصرها، وسُرقت منها طفولتها المبهجة. تسلط روايتها الضوء على كيفية توفير مبادرات الرعاية الصحية التابعة لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية التدخلات الحاسمة، التي أعادت لها ليس فقط بصرها، بل أيضًا أملها في حياة طبيعية ومُرضية.
- الدكتورة تالا الخليل (العراق): يعرض هذا القسم الرحلة الملهمة للدكتورة تالا الخليل، الصيدلانية العراقية، التي كرست نفسها منذ عام 2015 لدعم الأطفال المصابين بالسرطان في البصرة. يركز عملها، الذي يُحتمل أنه مدعوم أو مستوحى من مبادرات تمكين المجتمع والرعاية الصحية التابعة لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، على مساعدة هؤلاء الأطفال على مواصلة تعليمهم والاندماج في المجتمع، مما يبرز التأثير العميق للرعاية الرحيمة.
- زارمينا (باكستان): معاناة زارمينا، أرملة أفغانية تعيش في روالبندي بباكستان مع أطفالها الثلاثة، وتواجه تحديات يومية لتلبية احتياجاتها الأساسية بعد فقدان زوجها. تُجسد قصتها كيف توفر المساعدات الإنسانية التابعة لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية شريان حياة حيويًا، مقدمة دعمًا أساسيًا للعائلات الضعيفة.
- مهين (غسيل الكلى): التجربة المؤلمة لفتاة تبلغ من العمر تسع سنوات تُدعى مهين، التي استهلكت طفولتها جلسات غسيل الكلى المُرهقة. تؤكد “رحلتها من الألم إلى الأمل” الدور الحيوي للدعم الطبي من مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في تخفيف المعاناة واستعادة جودة الحياة للأطفال المصابين بأمراض مهددة للحياة.
- كريم (ورم الدماغ): قصة كريم، فتى يبلغ من العمر عشر سنوات وعاشق لكرة القدم، الذي سقط أثناء التدريب بسبب ورم دماغي خطير. تسلط قصته الضوء على التأثير المنقذ للحياة لتدخلات الرعاية الصحية التابعة لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، مما مكنه من العودة إلى شغفه وحياة طبيعية.
إن هذه الروايات، لا سيما تلك المتعلقة بالأطفال مثل آريان رودريغيز ومهين وكريم، تشير صراحة إلى “فقدان الطفولة المبهجة” أو “الحرمان من طفولة طبيعية”.5 هذا يشير إلى أن تدخلات مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية تتجاوز مجرد البقاء على قيد الحياة أو العلاج الطبي الأساسي. تهدف جهود المؤسسة إلى استعادة الكرامة الإنسانية الأساسية، وتمكين الوصول إلى التعليم، والسماح للأطفال باستعادة سنواتهم التكوينية. هذا الأثر الأوسع يرتقي بالعمل الإنساني من مجرد تقديم المساعدة إلى التزام عميق برعاية الإمكانات البشرية وضمان مستقبل كريم ومفعم بالأمل، وبالتالي معالجة الآثار النفسية والاجتماعية الأعمق للمحن.
تواضع القائد: لمسات إنسانية بين الناس
تتشكل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشكل عميق من قناعته بأن القيادة الحقيقية تستلزم تفاعلًا مباشرًا مع الشعب. يوضح سموه هذه الفلسفة بوضوح: “إن القائد يجب أن تكون قدماه على الأرض، يعيش مع الناس، يتحمل ظروفهم، يعيش حياتهم، ويعرف أدق تفاصيل معاناتهم، حتى يستطيع أن يغير حياتهم للأفضل”.6 يؤكد هذا التصريح إيمانه بالحكم المتعاطف والمتاح للجميع. كما يحذر سموه من مخاطر الغرور، مؤكدًا أن “الغرور والكبرياء، والاعتقاد بالقدرات الشخصية، والاعتماد على القدرات الزائلة والمحدودة [هي أسوأ الأمور]. نحن نسعى، والنجاح من الله”.6 يعكس هذا تواضعًا عميقًا وإدراكًا لهدف أسمى في مساعيه.
إن فلسفة الشيخ محمد المعلنة بأن يكون “على الأرض” 6، وأفعاله المتسقة – من التفاعلات غير المخطط لها مع المواطنين 16 والمشاركة في جلسات العصف الذهني العامة 4 إلى تردده الأولي في قبول الألقاب الرسمية 6 – ليست مجرد فضائل شخصية، بل هي جزء لا يتجزأ من نموذج حكمه. هذا يشير إلى فهم متطور بأن التواضع وإمكانية الوصول المباشر ضروريان لبناء الثقة العامة، وجمع الملاحظات غير المفلترة، وضمان أن السياسات تعالج بصدق احتياجات المجتمع. من خلال كونه يُنظر إليه على أنه “واحد من الشعب”، يعزز سموه اتصالًا أعمق مع الجماهير، مما يعزز بدوره شرعية الحكم والمشاركة العامة، ويجعل قيادته أكثر مرونة واستجابة.
تُظهر العديد من الحكايات تفاعل سموه المباشر وإمكانية الوصول إليه 4:
- لقاءات عفوية: تُظهر مقاطع الفيديو والحكايات بشكل متكرر الشيخ محمد وهو يتفاعل مباشرة وعفويًا مع المواطنين العاديين. غالبًا ما تتضمن هذه التفاعلات استفساره شخصيًا عن احتياجاتهم وتقديم حلول عملية فورية، مثل توجيه إعادة بناء منزل متهدم. يسلط هذا الضوء على نهجه العملي والشخصي في الحكم والرعاية.16
- رجل عائلة حنون: يتجاوز دوره العام، فهو يُصوّر كشخصية عائلية دافئة ومحبة. يُوصف بأنه “يُداعب البنات، ويحتضن البنين” 7، ويُرى وهو يحمل أحفاده التوأم، شيخة وراشد، الذين يُشير إليهم بمودة بـ”بلسم القلب”.7 توفر هذه الصورة مثالًا ملموسًا على دفئه الشخصي وطبيعته المتواضعة.
- تفاعل متعاطف مع الشباب: يُعد انخراطه المباشر مع المشاركين في “تحدي القراءة العربي” مثالًا خاصًا على ذلك. يُعرف عنه أنه “يُمسح دموعهم عند إعلان التتويج، ويُشجعهم، ويُحتفل بهم، ويُلاحظ البريق الذي يخرج من أعينهم” 7، ويعاملهم “كما لو كانوا أبناءه”.7 يوضح هذا ارتباطه العاطفي العميق واستثماره الشخصي في تطلعات الجيل الأصغر.
- حوار مفتوح ومشاركة المواطنين: لقد كان الشيخ محمد رائدًا في إطلاق منصات مبتكرة للمشاركة العامة المباشرة. يستخدم بنشاط المنتديات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي (مثل تويتر مع وسم #العصف_الذهني_الإماراتي) لطلب الأفكار والملاحظات من المواطنين والمقيمين حول القضايا الوطنية الحرجة، مثل تطوير قطاعي الصحة والتعليم. هذا الالتزام بالاستماع ودمج المدخلات العامة هو سمة مميزة لقيادته الشاملة.4
- نماذج الحكم التعاوني: تُعد مبادرات مثل “الخلوات الوزارية” و”مجلس محمد بن راشد للسياسات” أمثلة على تفضيله للمناقشات التعاونية والمفتوحة على التسلسل الهرمي الصارم. تعزز هذه المنصات بيئة يتم فيها تبادل الأفكار المبتكرة بحرية ومعالجة القضايا الوطنية بشكل جماعي.4
تُعد الحكايات التي تروي حياته العائلية الحنونة (تفاعلاته مع أحفاده) 7 واحترامه العميق لأعمال جده المتواضعة في الخدمة 7 ليست مجرد تفاصيل شخصية معزولة. بل تعكس قيمًا متأصلة بعمق تتخلل سياسته العامة وعمله الإنساني. إن تركيزه على “المحبة والرحمة” 7 كمبادئ توجيهية، وتركيزه على التنمية البشرية عبر جميع محاور مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، يظهر دمجًا سلسًا لأخلاقياته الشخصية في مبادرات واسعة النطاق. هذا يعني أن مساعيه الخيرية هي امتداد أصيل لمعتقداته الأساسية، مما يجعل قيادته أكثر تأثيرًا وإلهامًا. إنه يقدم رسالة قوية مفادها أن شخصية القائد وقيمه الراسخة يمكن أن تحدث تأثيرًا وطنيًا وعالميًا عميقًا، مما يخلق نموذجًا للحكم الرحيم.
رؤية مستقبلية: استدامة العطاء والابتكار العالمي
تمتد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى ما هو أبعد من مجرد الإغاثة الفورية، لتتركز على الاستدامة طويلة الأمد لمساعيه الخيرية. يعبر سموه عن هذا الالتزام الدائم بقوله: “رحلة العطاء مستمرة.. ومشاريعنا الإنسانية رسالة من الإمارات للعالم تحمل قيم شعب الإمارات ومبادئه”.9 يؤكد هذا أن العطاء ليس عملًا مؤقتًا، بل هو جزء مستمر ومتكامل من هوية الدولة ورسالتها العالمية. يتأكد هذا الالتزام بالاستمرارية من خلال التركيز على “استدامة العطاء والخير في بلادنا” و”استدامة الأجر لشعبنا” 1، لا سيما من خلال آليات مبتكرة مثل الأوقاف. يضمن هذا النهج الاستراتيجي أن تأثير الكرم يستمر لأجيال.
تُعد سمة مميزة لرؤية الشيخ محمد الخيرية هي دمج الابتكار كمحرك أساسي للجهود الإنسانية. يؤمن سموه إيمانًا راسخًا بأن “بالإبداع والأفكار نستطيع بناء الدول والمؤسسات، والمستقبل سيكون لأصحاب الأفكار”.5 هذه الفلسفة تدعم تسخير الإبداع البشري لمعالجة التحديات العالمية المعقدة.
إن الإدراج الاستراتيجي لـ”ابتكار المستقبل والريادة” كمحور أساسي لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية 10، والمثال المحدد والبارز لجائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه 12، يمثلان تحولًا عميقًا في العمل الخيري. يتجاوز هذا النهج مجرد تقديم المساعدة التفاعلية إلى البحث النشط عن حلول مبتكرة ومستدامة للمشكلات العالمية المعقدة وتمويلها وتحفيزها. هذه خطوة استراتيجية لمعالجة الأسباب الجذرية وإحداث تأثير منهجي طويل الأمد، بدلاً من مجرد تخفيف الأعراض الفورية. إنه يضع الشيخ محمد كقائد ذي رؤية يؤمن بالقوة التحويلية للإبداع البشري للتغلب على أكبر تحديات الإنسانية، مما يعكس نهجًا مستقبليًا وتمكينيًا للعمل الخيري العالمي.
- مثال رائد: جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه: تُعد هذه الجائزة المرموقة، التي تبلغ قيمتها مليون دولار، شهادة على هذا الالتزام. فهي تحفز وتكرم الحلول الرائدة والمستدامة لندرة المياه العالمية، لا سيما تلك التي تستفيد من مصادر الطاقة النظيفة. تعالج هذه المبادرة مباشرة أحد أهم التحديات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.12
- نفذت مؤسسة سقيا الإمارات، التي تشرف على الجائزة، أكثر من 1000 مشروع مياه مستدام حتى الآن، مما أثر إيجابًا على حياة حوالي 15 مليون شخص في 37 دولة، مما يدل على نتائج ملموسة من هذا النهج المبتكر.12
- كرمت الجائزة حلولًا متنوعة ومتطورة، بما في ذلك مشاريع تحول النفايات العضوية إلى طاقة متجددة ومياه عذبة، وتنتج مياه الشرب من الهواء باستخدام الطاقة الشمسية، وتطور تقنيات تحلية المياه المتقدمة وذات الكفاءة في استخدام الطاقة.12
تدرك رؤية الشيخ محمد أن التحديات العالمية تتطلب تعاونًا عالميًا. تسعى مبادراته بنشاط إلى بناء وتعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لتوسيع نطاق التأثير. تتعاون مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية بشكل مكثف مع كيانات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (ISESCO) في برامج حيوية مثل “مليون مبتكر”، التي تهدف إلى تمكين الشباب بمهارات المستقبل.17 إن سياسة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، المتوافقة مع رؤية الشيخ محمد، موجهة بشكل أساسي نحو الحد من الفقر ومساعدة المجتمعات المحتاجة في جميع أنحاء العالم. تؤكد هذه السياسة العمل بالتعاون الوثيق مع الحكومات الشريكة والمنظمات الدولية الأخرى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها عالميًا.18 تسعى الإمارات بنشاط إلى توسيع شراكاتها مع المنظمات المتعددة الأطراف الفعالة وتدعم مشاركة القطاع الخاص كعنصر حاسم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.19
إن الدمج السلس لأهداف مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية الطموحة مع الرؤية الوطنية الأوسع لدولة الإمارات (مثل رؤية الإمارات 2021) 4 وأهداف سياستها الخارجية 18 يكشف عن فهم متطور للعمل الإنساني. يشير هذا إلى أن العمل الخيري ليس مسعى خيريًا منفصلًا، بل هو مكون استراتيجي أساسي للتنمية الشاملة للدولة ومشاركتها العالمية. إن الهدف الصريح لـ”تعزيز مكانة دولة الإمارات على الساحة الدولية” 18 من خلال المساعدة والتعاون يعني أن العمل الإنساني يُنظر إليه كأداة دبلوماسية قوية. يعزز هذا النهج حسن النية الدولية، ويبني شراكات استراتيجية، ويعالج في الوقت نفسه التحديات العالمية، مما يرتقي بالعمل الإنساني إلى مكون حاسم في إدارة الدولة الحديثة ويظهر رؤية شاملة للازدهار الوطني والعالمي.
خاتمة: إرث يلهم الأجيال ويصنع الأمل
يُختتم هذا التقرير بتلخيص المحاور الأساسية، مؤكدًا الأثر الذي لا يُمحى لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كقائد يتميز بكرم لا حدود له، وتأثير إنساني واسع النطاق، وتواضع شخصي عميق. لقد أظهرت مبادراته، لا سيما من خلال مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التزامًا لا مثيل له بالرفاهية العالمية.
يُعد النطاق الهائل لوصول مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي استفاد منها 149 مليون شخص في 118 دولة وفقًا لأحدث البيانات المتاحة (2024) 2، دليلًا قويًا على هذا الالتزام. تشمل رؤيته مجموعة متنوعة من التدخلات: “مبادراتنا متنوعة.. من الإغاثة.. للتعليم والصحة وتمكين المجتمعات ودعم الشباب وصنع الأمل”.9 يعكس هذا النهج الشامل فهمًا عميقًا للاحتياجات والتطلعات البشرية.
إن التأكيد المتكرر على “صناعة الأمل” 9 يتجاوز مجرد عمل خيري؛ إنه يدل على فلسفة عميقة واستباقية تميز عمل مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية. يشير هذا إلى أن الهدف الأسمى ليس فقط تخفيف المعاناة الفورية، بل غرس شعور بالإمكانية والقدرة والمستقبل في نفوس المستفيدين. هذا يتجاوز المساعدة التبادلية إلى تأثير تحويلي، ويهدف إلى بناء المرونة، وتعزيز الاعتماد على الذات، وتمكين الأفراد من تشكيل مصائرهم. يعمل مفهوم “صناعة الأمل” كفكرة قوية وموحدة ترفع من مستوى التقرير بأكمله، وتتردد صداها بعمق لدى الجمهور العالمي الذي يبحث عن حلول مستدامة وتمكين حقيقي، بدلاً من مجرد إغاثة مؤقتة.
يتميز إرث الشيخ محمد بتفانيه الثابت في إحداث تغيير دائم. يؤكد سموه باستمرار أن “رحلة العطاء مستمرة.. ومشاريعنا الإنسانية رسالة من الإمارات للعالم تحمل قيم شعب الإمارات ومبادئه”.9 يضمن هذا الالتزام أن تأثير عمله يتجاوز الإغاثة الفورية، مما يعزز التنمية المستدامة.
في نهاية المطاف، تُعد حياة وقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مصدر إلهام عميق للأجيال الحالية والمستقبلية. إن التزامه الثابت بالقيم الأساسية مثل العدالة والانفتاح والتنويع الاقتصادي 6، إلى جانب تواضعه الشخصي وتفاعله المباشر مع الناس، يوفر نموذجًا مقنعًا للحكم الرحيم والفعال. إن الأدلة المتراكمة المقدمة في هذا التقرير – من القيم المتوارثة التي شكلت شخصية الشيخ محمد إلى المبادرات المنظمة والمبتكرة وذات الوصول العالمي لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية – تبلغ ذروتها في وضع دولة الإمارات، تحت قيادته، كنموذج رائد في العمل الإنساني الشامل. إن تصريحات مثل “عاصمة عالمية للعمل الإنساني” 9 و”رسالة من الإمارات للعالم” 9 ليست مجرد طموحات؛ بل هي مدعومة بالأنشطة المفصلة والنتائج القابلة للقياس الكمي. هذا يعني أن إرث الشيخ محمد ليس مجرد إرث شخصي، بل لقد شكل بشكل عميق الهوية الوطنية والدور العالمي لدولة الإمارات، مقدمًا نموذجًا مقنعًا وقابلًا للتطبيق للدول والقادة الآخرين الذين يسعون إلى دمج العمل الإنساني في هدفهم الوطني الأساسي. تحت قيادته الحكيمة، عززت دولة الإمارات مكانتها كـ”عاصمة عالمية للعمل الإنساني” ، منارة أمل وشهادة على القوة التحويلية للكرم والتواضع على الساحة العالمية.
بقلم / ناصر السلمان