ال الشيخ. صفحات من الكرم على مر العصور

المقدمة: إرث الكرم والدين

منذ فجر التاريخ، عُرف العرب بكرمهم وسخائهم، صفات متجذرة في ثقافتهم وعاداتهم. ومع انتشار الإسلام، أصبحت هذه القيم جزءًا من منظومة الأخلاق الإسلامية، تُمارَس كعبادة وقربة إلى الله. أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذين حملوا رسالة التوحيد والدعوة إلى الإصلاح، لم يكونوا فقط دعاة وعلماء دين، بل كانوا أيضًا نماذج حية للكرم والإحسان. في هذا المقال، نستعرض مظاهر كرمهم التي امتدت عبر الأجيال، مع التنويه عن ارتباط هذا الكرم بقيمهم الدينية.

الكرم والدين: علاقة وطيدة

الكرم ليس مجرد عطاء مادي، بل هو قيمة إيمانية راسخة في الإسلام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود.” هذه القيم الدينية كانت جزءًا لا يتجزأ من حياة أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب. فهم يرون في الكرم تعبيرًا عمليًا عن إيمانهم، وسبيلاً لنشر الخير وتحقيق البركة في الدنيا والآخرة.

كرم أحفاد الشيخ في الجانب الشخصي

1. إكرام الضيف

إكرام الضيف من أبرز مظاهر الكرم عند أحفاد الشيخ. بيوتهم كانت وما زالت مفتوحة دائمًا للزوار، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية. كانوا يستقبلون الجميع بحفاوة وسخاء، ويعتبرون الضيافة واجبًا لا يمكن التهاون فيه. قصص استقبالهم للضيوف في مواسم الحج والعمرة، وتقديم الطعام والمأوى لهم، تُعد من أبرز مظاهر كرمهم الشخصي.

2. دعم الفقراء والمحتاجين

كانوا يقدمون الدعم المادي والمعنوي للأسر المحتاجة بشكل مستمر، سواء في أوقات الأزمات أو في الحياة اليومية. لم يقتصر كرمهم على تقديم المال فقط، بل شمل توفير فرص عمل، وتحمل تكاليف التعليم والعلاج.

3. الإيثار على النفس

أحفاد الشيخ لم يكونوا فقط كرماء بما يملكون، بل كانوا يُظهرون الإيثار حتى لو كانت مواردهم محدودة. كانوا يتبعون مبدأ “ما نقص مال من صدقة”، حيث يثقون بأن العطاء يزيد البركة ويجلب الخير.

كرمهم في دعم العلم والدين

1. دعم طلاب العلم

كان العلم أحد أهم أولوياتهم. أحفاد الشيخ لم يترددوا في مساعدة طلاب العلم، سواء بتوفير الكتب أو دفع نفقات التعليم. شيوخهم كانوا يُقيمون مجالس علمية في بيوتهم، ويُخصصون أوقافًا لدعم المدارس والمكتبات الشرعية.

2. طباعة الكتب الدينية

ساهموا في طباعة كتب التوحيد والفقه، ونشرها في أرجاء العالم الإسلامي. هذا العمل لم يكن مجرد دعم مالي، بل كان جزءًا من رؤيتهم لنشر العقيدة الصحيحة وتعزيز العلم الشرعي.

3. بناء المساجد

أحفاد الشيخ كانوا يؤمنون بأن بناء المساجد من أعظم أعمال البر. أسسوا العديد من المساجد في مناطق مختلفة، وحرصوا على تجهيزها بما يحتاجه المصلون، من مصاحف وخدمات.

كرمهم المؤسسي: تنظيم العطاء

مع تطور الزمن، تحوّل كرم أحفاد الشيخ من المبادرات الفردية إلى مشاريع مؤسسية تهدف إلى خدمة المجتمع بشكل أوسع.

1. إنشاء الجمعيات الخيرية

ساهموا في تأسيس جمعيات خيرية تهتم برعاية الفقراء والأيتام، وتقديم المساعدات الإنسانية في الكوارث والأزمات.

2. دعم المشاريع الصحية

كان لهم دور بارز في دعم القطاع الصحي، من خلال إنشاء المستشفيات، أو تحمل تكاليف علاج المرضى الذين لا يستطيعون دفع النفقات.

3. مشاريع تنموية

ساهموا في مشاريع تنموية مثل بناء المدارس والمراكز التدريبية، لتوفير فرص عمل وتعليم للشباب.

قصص مشرقة من كرمهم

1. إغاثة المحتاجين في أوقات الأزمات

خلال فترات المجاعات أو الكوارث الطبيعية، كان أحفاد الشيخ من أوائل المساهمين في توفير الإغاثة للمجتمعات المتضررة. كانوا يرسلون قوافل محملة بالمواد الغذائية والملابس والأدوية، ويشرفون شخصيًا على توزيعها.

2. حملات إفطار الصائمين

في شهر رمضان المبارك، كانوا ينظمون حملات لإفطار الصائمين، سواء في المملكة العربية السعودية أو في دول أخرى. كانوا يرون في هذا العمل فرصة للتقرب إلى الله، ونشر الخير بين الناس.

3. التكفل بالأيتام

كانوا يتبنون الأيتام، ويوفرون لهم كل ما يحتاجونه من مأكل ومشرب وتعليم، ويربونهم على القيم الإسلامية الصحيحة.

الكرم والدين في حياتهم اليومية

الدين كان دائمًا الحافز الأساسي لكرم أحفاد الشيخ. كانوا يرون في الكرم تطبيقًا عمليًا لما يدعون إليه من قيم إسلامية.
1. الصدق والإخلاص:
كانوا يقدمون ما لديهم دون انتظار مقابل، بل بهدف نيل رضا الله. كان إخلاصهم في العطاء يظهر في تعاملاتهم اليومية.
2. التواضع في الكرم:
على الرغم من مكانتهم الاجتماعية، كانوا يمارسون الكرم بتواضع شديد، دون تفاخر أو استعلاء.
3. الموازنة بين الكرم والدين:
لم يكن كرمهم مجرد تصرف اجتماعي، بل كان انعكاسًا مباشرًا لالتزامهم الديني. كانوا يرون أن الكرم جزء من العبادة، وعملًا صالحًا يُثابون عليه.

كرمهم وتأثيره على المجتمع

أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب تركوا بصمة واضحة في المجتمعات التي عاشوا فيها، حيث ساهم كرمهم في:
1. تعزيز الروابط الاجتماعية:
كان كرمهم سببًا في تقوية العلاقات بين الأفراد، ونشر المحبة والاحترام في المجتمع.
2. دعم المحتاجين:
أعمالهم الخيرية خففت الكثير من معاناة المحتاجين، ووفرت لهم حياة كريمة.
3. تحفيز الآخرين على الكرم:
مواقفهم الملهمة كانت دافعًا للكثيرين للاقتداء بهم، مما أدى إلى انتشار ثقافة الكرم والعطاء.

الخاتمة: إرث الكرم مستمر

أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يكونوا مجرد شخصيات تاريخية تحمل إرث الدعوة الإصلاحية، بل كانوا قدوة في الكرم والعمل الإنساني. قيمهم الدينية دفعتهم لتقديم الخير للجميع، دون تمييز أو حدود. يبقى كرمهم مثالًا يُحتذى به، وصفحة مشرقة في تاريخ الإسلام، ورسالة للأجيال القادمة بأن الكرم والدين وجهان لعملة واحدة.

من alkram net