سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: قائد العطاء والتواضع وسليل المجد

 نبذة عن شخصية استثنائية

يُعد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي ورئيس المجلس التنفيذي للإمارة منذ التاسع من سبتمبر 2006، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع منذ عام 2023، شخصية قيادية بارزة ومؤثرة في دولة الإمارات العربية المتحدة.¹ يشتهر سموه بلقب “فزاع”، وهو اسم يحمل في طياته دلالات عميقة تعكس روح المساعدة والدعم للآخرين.¹ هذا اللقب، الذي يوقّع به سموه قصائده التي تنبض بروح الوطن والولاء والهوية الإماراتية، يتجاوز كونه مجرد اسم شعري ليصبح هوية عامة تجسد قيمه الجوهرية في العطاء والإغاثة.¹

إن اختيار سموه للقب “فزاع” ليس مجرد اختيار عشوائي، بل هو بناء مدروس لهوية قيادية تتماشى بعمق مع المبادئ الإنسانية. هذا يشير إلى نهج استراتيجي في القيادة، حيث تتشابك القيم الشخصية بشكل وثيق مع الصورة العامة والسياسات المتبعة. حقيقة توقيعه لقصائده بهذا الاسم تشير إلى أن إبداعه الفني ليس مجرد تعبير شخصي، بل هو وسيلة قوية لتوصيل هذه القيم، مما يجعل شعره شكلاً من أشكال التواصل العام حول أخلاقه ومبادئه. هذا الربط بين الفن والقيادة يخلق سرداً متماسكاً حول شخصيته، ويعزز الثقة العامة والارتباط العاطفي بين القائد وشعبه، حيث يُنظر إلى أفعاله على أنها تتماشى مع هويته المعلنة، مما يرسخ رابطاً قوياً بين القيادة والمجتمع. يهدف هذا التقرير إلى استكشاف الأبعاد المتعددة لشخصية سموه، مع التركيز على كرمه وسخائه، ووقوفه الدائم مع الجميع، وتواضعه الجم، بالإضافة إلى سلالته العريقة التي شكلت إرثاً قيادياً متجذراً.

سلالة عريقة وإرث قيادي متجذر

تنتمي عائلة آل مكتوم، التي يتحدّر منها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، إلى قبيلة البوفلاسة العريقة، وهي بدورها أحد فروع قبيلة بني ياس.³ تتمتع قبيلة بني ياس بمكانة رفيعة في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي، وقد بدأت أسرة آل مكتوم حكم دبي في عام 1833م، مع الشيخ مكتوم بن بطي بن سهيل.³

لقد شهدت دبي على مر العصور قيادة حكيمة من حكام آل مكتوم، الذين ساهم كل منهم في بناء وتطوير الإمارة لتصل إلى ما هي عليه اليوم من ازدهار وتقدم. يوضح الجدول التالي لمحة عن أبرز حكام دبي من عائلة آل مكتوم وإسهاماتهم:

جدول 1: حكام دبي من عائلة آل مكتوم

يكشف هذا التاريخ المفصل لحكام آل مكتوم عن نمط ثابت من الانخراط المباشر مع الشعب، والبصيرة الاقتصادية، والالتزام بالتنمية. إن أسلوب قيادة سمو الشيخ حمدان، الذي يتميز بالتواضع والتفاعل المباشر، ليس سمة منعزلة بل هو استمرار وتطور لتقليد عائلي متجذر بعمق. يشير التركيز المستمر على المشاركة المباشرة والتنمية الاقتصادية ورفاهية المجتمع عبر الأجيال – من الانفتاح الاقتصادي للشيخ مكتوم بن حشر إلى النهج العملي للشيخ راشد بن سعيد – إلى فلسفة قيادية متأصلة بعمق داخل عائلة آل مكتوم. إن أفعال سمو الشيخ حمدان الحالية، مثل ظهوره المتكرر في الأماكن العامة ومبادراته المجتمعية، ليست مجرد خيارات فردية، بل هي تجسيد حي لهذا الإرث التاريخي. هذا يعني أن قيادته يُنظر إليها على أنها أصيلة ومتجذرة، وتتوافق بعمق مع التوقعات الثقافية للقيادة في المنطقة. يوفر هذا الاستمرارية التاريخية أساساً قوياً للشرعية والثقة في حكم سمو الشيخ حمدان، حيث يُنظر إليه على أنه يحافظ على رؤية أسلافه الكرام ويدفعها إلى الأمام، ويشير إلى أن استقرار دبي وتقدمها مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بهذا النهج القيادي المتسق.

لقد نهل سمو الشيخ حمدان قيم العروبة ومبادئ القيادة من أجداده الكرام، وتشرَّب المروءة والتواضع وعظيم الصفات على يدي والده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.⁵ يؤكد سموه أن رؤيته تستلهم أسسها من مدرسة والده، الذي يعتبره مصدر إلهام مستمر ومدرسة في الحياة يتعلم منها كل يوم شيئاً جديداً.⁶ تتمحور رؤية سموه حول رفعة الوطن والمواطن، وتعزيز مسيرة التنمية الشاملة، مع التركيز على بناء قدرات الشباب والاستثمار في رفاه المواطنين.⁶

كرم وسخاء: أيادي بيضاء تمتد للجميع

يُعد الكرم والسخاء من أبرز السمات التي تميز شخصية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، حيث يرى سموه العمل الإنساني “أكبر وأضخم استثمار من نوعه في صناعة التغيير الإيجابي والارتقاء بواقع البشرية”.⁷ يؤكد سموه باستمرار أن “يد العطاء الإماراتية ممدودة لكافة الشعوب”.⁸ وقد بلغ إجمالي الإنفاق الخيري في دبي لعام 2023 أربعة مليارات درهم، مع تأكيد سموه أن دبي “مدينة الخير وأهلها أهل الخير”.⁹

يلعب سموه دوراً محورياً في مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية (MBRGI)، التي تعد المؤسسة الأكبر من نوعها إقليمياً في مجال العمل الإنساني. تضم هذه المؤسسة تحت مظلتها أكثر من 30 مبادرة ومؤسسة ومئات البرامج التي يستفيد منها عشرات الملايين من البشر سنوياً في 108 دول حول العالم.⁷ في عام 2019، أنفقت المؤسسة 1.3 مليار درهم، استفاد منها أكثر من 71 مليون شخص في 108 دول.⁷ وفي عام 2021، استفاد 98 مليون شخص من إسهامات خيرية تجاوزت 3 مليارات درهم.⁸ تعمل المؤسسة ضمن خمسة محاور رئيسية: المساعدات الإنسانية والإغاثية، الرعاية الصحية ومكافحة المرض، نشر التعليم والمعرفة، ابتكار المستقبل والريادة، وتمكين المجتمعات.¹⁰ شملت إنجازاتها مساعدة 40 مليون شخص في 99 دولة بحلول عام 2015، ودعم أكثر من 1.5 مليون أسرة في 40 دولة، وتوفير بنية تحتية لوجستية ضخمة للمنظمات الخيرية.¹⁰ في مجال مكافحة المرض، تركزت الجهود على الوقاية والعلاج من العمى (23 مليون مستفيد)، وتوفير 81 مليون لقاح ودواء، وبناء 46 مستشفى، وتوفير مياه الشرب لـ 6.5 مليون إنسان.¹⁰

إن الحجم والطبيعة المنظمة لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، بمحاورها الخمسة ونطاقها العالمي، تشير إلى أن كرم سمو الشيخ حمدان ليس مجرد أعمال خيرية فردية، بل هو جهد وطني منظم للغاية واستراتيجي يهدف إلى التنمية المستدامة والتأثير العالمي. إن استخدام مصطلحات مثل “المحاور الاستراتيجية”، و”الرعاية الصحية المستدامة”، و”الابتكار في الأوقاف”، و”الوصول العالمي” ¹⁰ يوضح أن الأمر لا يتعلق فقط بتقديم المال، بل ببناء قدرات طويلة الأجل، ومعالجة الأسباب الجذرية، وتعزيز ثقافة العطاء المدمجة في السياسة الوطنية. يؤكد التركيز على “الاستثمار في التغيير الإيجابي” ⁷ على نهج تنموي استباقي للعمل الخيري بدلاً من مجرد المساعدة التفاعلية. هذا يضع الإمارات، وبالتالي قيادتها، كلاعب رئيسي في الجهود الإنسانية العالمية، مما يعزز قوتها الناعمة ومكانتها الدولية. يعكس هذا النهج الاستراتيجي للعمل الخيري رؤية وطنية تُستغل فيها الازدهار الاقتصادي لتحقيق التنمية البشرية العالمية، بما يتماشى مع السياسة الخارجية الأوسع لدولة الإمارات والتزامها بالاستقرار والتقدم العالميين، ويشير إلى فهم عميق بأن الكرم الحقيقي يمتد إلى ما هو أبعد من الإغاثة الفورية ليشمل التأثير المستدام.

تتضمن حملات ومشاريع سموه المحددة:

• حملة “وقف الأب”: أطلقت تحت مظلة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لتكريم الآباء بإنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم لتوفير العلاج والرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين.¹¹ تهدف إلى توفير رعاية صحية مستدامة، ودعم المنظومة الصحية، وتطوير المستشفيات، وتتيح لجميع شرائح المجتمع المساهمة حتى لو بدرهم واحد، وتعتبر صدقة جارية.¹¹ كما ترسخ قيم البذل والعطاء والتضامن الإنساني.¹³
• “وقف المليار وجبة”: يشير سمو الشيخ حمدان إلى دوره في تعزيز ثقافة الابتكار في الوقف وتوسيع أثره المجتمعي.¹²
• دعم بناء المساجد: شهد سموه توقيع اتفاقية لدعم بناء ورعاية المساجد في دبي.⁸
• صندوق التضامن المجتمعي ضد كوفيد-19: حشد هذا الصندوق أكثر من 1000 متطوع و100 ألف مشارك من 115 جنسية، ووفّر 15.3 مليون وجبة بمساهمات تجاوزت 122.4 مليون درهم.⁷

تشير تصريحات سمو الشيخ حمدان المتسقة حول كون دبي “مدينة الخير” وتأكيده على قيم التراحم والتضامن ⁹ إلى أن العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية متجذران بعمق في فلسفة الحكم والهوية الوطنية. عندما يعبر قائد باستمرار عن أن أساس الأمة ونجاحها المستمر مرتبطان بقيم أخلاقية محددة، مثل التراحم والتضامن وسعادة الإنسان، فهذا يشير إلى أن هذه القيم تهدف إلى أن تكون مبادئ توجيهية للحكم والتنمية المجتمعية. إن ذكر “مكافحة الفقر والمرض” و”توفير مستلزمات الحياة الكريمة” ⁸ كأهداف للمبادرات يعزز كذلك أن هذه القيم تترجم إلى أهداف سياسية ملموسة. هذا يشير إلى التزام من أعلى المستويات بتعزيز مجتمع خيّر حيث تكون الرعاية الاجتماعية أولوية حكومية. يعزز دمج القيم في الحكم شعوراً قوياً بالهوية الوطنية والهدف الجماعي، ويشجع المواطنين والمقيمين على المشاركة في بناء المجتمع والجهود الخيرية، مما يخلق دورة ذاتية التعزيز للمسؤولية الاجتماعية، ويعمل هذا النهج كنموذج للدول الأخرى حول كيفية مواءمة النجاح الاقتصادي مع القيادة الأخلاقية.

جدول 2: مبادرات سمو الشيخ حمدان الخيرية والمجتمعية الرئيسية

تواضع القائد: قرب من الشعب وتفاعل إنساني

يُعرف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بتواضعه الفطري وتواصله المباشر مع المواطنين، حيث يُشاهد بشكل متكرر في الأماكن العامة ويتفاعل ببساطة مع أبناء الشعب.¹ إن سماته الشخصية التي تجمع بين التواضع والبساطة والكرم قد أكسبته مكانة فريدة ومتميزة في قلوب المواطنين والمقيمين على حد سواء.² ليس من الغريب أن يُشاهد سموه يقود سيارته بنفسه، أو يتناول الطعام في أحد مطاعم المدينة، حيث يتقدم الناس لتحيته والسلام عليه دون حواجز.⁶ كما يشارك سموه بفعالية في المناسبات العامة، مثل “الألعاب الحكومية 2021″، حيث يلقي التحية على الجماهير والأطفال بروح من التواضع والبساطة.¹

إن مظاهر التواضع العامة والتفاعل المباشر لسمو الشيخ حمدان ليست مجرد خصائص شخصية، بل هي أساسية لنهجه القيادي، حيث تعزز ارتباطاً عميقاً بالناس وتمكنه من فهم احتياجاتهم مباشرة. في مجتمع غالباً ما يحافظ فيه القادة على مسافة معينة، فإن هذه الأفعال تزيل الحواجز بنشاط. يتيح هذا التفاعل المباشر الحصول على ملاحظات غير مصفاة وفهماً أكثر أصالة للمشاعر والاحتياجات العامة، وهو أمر بالغ الأهمية للحكم الفعال. تواضعه ليس مجرد فضيلة شخصية، بل هو أداة استراتيجية لبناء الثقة والشرعية والشعور بالمجتمع المشترك. مثال مساعدة المراهق في تحدي دبي للياقة ¹⁷ يجسد ذلك: إنه عمل شخصي يتردد صداه على نطاق واسع، ويدل على التعاطف والدعم النشط بدلاً من مجرد الحضور الرمزي. يخلق هذا الأسلوب القيادي مجتمعاً متماسكاً للغاية يشعر فيه المواطنون بالتقدير والاستماع، مما يساهم في الاستقرار الاجتماعي والجهد الجماعي نحو الأهداف الوطنية، ويمثل هذا الأسلوب مثالاً قوياً للمسؤولين الآخرين داخل الحكومة، مما يعزز ثقافة الخدمة وسهولة الوصول.

تتعدد القصص والمواقف الشخصية التي تبرز بساطته وقربه من الناس. فخلال “تحدي دبي للياقة”، ركض سموه بجانب 146,000 شخص في شارع الشيخ زايد، وفي لفتة إنسانية عميقة، ساعد شاباً مراهقاً يعاني من اضطراب دينوفو بدفع كرسيه الخاص طوال مدة الركض، مما يعكس دعماً شخصياً ومباشراً.¹⁷ كما توصف قصائده بأنه “عون السجين لا شكى من ظلم سجانه” ²⁰، مما يعكس تصوره العام كداعم للمحتاجين. وقد تعلم سموه هذا النهج من والده، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي كان يحرص دائماً على الاستماع والاستشارة قبل أي قرار يتعلق بالمواطنين، ويمتلك قدرة كبيرة على التواصل مع مختلف فئات المجتمع ويظهر تواضعاً جمّاً.⁶

يعكس شعره النبطي أيضاً قيم التواضع والإحساس بالآخرين بشكل عميق. فشعره، الذي يوقعه باسم “فزاع”، هو “لسان حال وعنوان شخصية وأسلوب حياة”.² ويصرح سموه بأنه يكتب الشعر ليس طمعاً في الشهرة أو التصفيق، بل لـ”يدخل الفرح إلى قلوب الناس” و”يخفف من معاناتهم” ²، مما يبرز دافعاً نبيلاً وراء تعبيره الفني. في قصيدة “الناس بالإحسـاس”، يقول صراحة: “الصـمت نعـمه والتواضع فضـيله” ²²، مؤكداً على قيمة التواضع. كما يذكر في القصيدة: “مانـي بـمـن يكـتـب لـقـالـه وقـيـله / أو طـامح بتصفـيـق ودروع ووسـام” ²²، مما يؤكد عدم اهتمامه بالتقدير السطحي. وتبرز القصيدة أيضاً التعاطف مع الفئات الضعيفة: “وقل للمعاق اللي ماتمشي رجيله / الـناس بالإحـسـاس ماهـي بالاجـسـام” ²²، مما يدل على تركيزه على الجوهر الإنساني.

إن استخدام سموه للشعر، خاصة تحت اسم “فزاع”، للتعبير عن قيم مثل التواضع والتعاطف وعدم الاهتمام بالشهرة السطحية ² يحول السعي الفني إلى قناة قوية للتواصل العام والقيادة الأخلاقية. يحمل الشعر، وخاصة الشعر النبطي، وزناً ثقافياً كبيراً في الإمارات. من خلال استخدام هذا الشكل الفني التقليدي للتعبير عن قيمه الشخصية وفلسفته القيادية، يتواصل سمو الشيخ حمدان مع الجمهور على مستوى عميق وعاطفي وثقافي. إن رفضه الصريح للشهرة كدافع لشعره ²¹ يعزز أصالة تواضعه وتركيزه على رفاهية الناس. هذا يجعل شعره أداة قوة ناعمة فريدة وفعالة، تشكل التصور العام وتعزز القيم المجتمعية المرغوبة. يوضح هذا كيف يمكن للقادة المعاصرين الاستفادة من التراث الثقافي لنقل الرسائل، وبناء الروابط، وإلهام الهوية الوطنية، متجاوزين الخطابات الرسمية والوثائق السياسية. إنه يدل على نهج شامل للقيادة يشمل الأبعاد الثقافية والشخصية والسياسية.

وقد حظي تواضعه بإشادات شعبية ورسمية واسعة. فقد وُصف سموه بأنه “شاب نهل قيم العروبة، وتشرَّب مبادئ القيادة منذ نعومة أظفاره، ورث المجد عن أجداده الكرام، وتعلم المروءة والتواضع”.⁵ كما قيل إن “تواضعه بين البشر وهو من أعلاهم مقام خلاّه يكبر في عيون ملوك عصره والخدم”.²³ ويُبرز تواضعه كـ”أبرز صفاته”، مما يجعله “الإنسان النموذجي الناجح، والمتميز والمبدع في كل ميدان من ميادين الحياة”.⁵

وقوفه مع الكل: دعم مجتمعي شامل

يُعرف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بوقوفه الدائم مع الجميع، من خلال دعمه المجتمعي الشامل الذي يلامس مختلف جوانب حياة الأفراد. تتجلى هذه السمة في مبادراته المتنوعة التي تهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية والعمل التطوعي. من أبرز هذه المبادرات “حملة مدينتك تناديك”، التي أطلقها سموه في مارس 2020 عبر تطبيق “يوم لدبي”، بهدف إتاحة المجال أمام أفراد المجتمع للمشاركة في أنشطة تطوعية كلٌ في مجال خبراته.¹⁵ كما أُطلقت “مبادرة يوم لدبي” في ديسمبر 2017 لترسيخ قيم المسؤولية المجتمعية بين الأفراد، تجسيداً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.¹⁵

تُعد مبادرة “فرجان دبي” مثالاً ساطعاً على هذا الدعم، فهي مؤسسة اجتماعية تطوعية تهدف إلى تعزيز الترابط والتلاحم المجتمعي في الأحياء السكنية بدبي عبر المنصات الافتراضية.¹⁶ وقد أشاد سموه بهذه المبادرة لدورها في تعزيز الترابط المجتمعي والهوية الوطنية وتمكين المواهب والأعمال بين أفراد الأحياء.¹⁶ لقد حققت “فرجان دبي” انتشاراً واسعاً، حيث وصلت إلى أكثر من 250 ألف شخص عبر قنوات التواصل الاجتماعي، ودعمت أكثر من 2500 مشروع منزلي، وغطت أكثر من 20 حياً سكنياً في دبي.¹⁶ كما نظمت 32 فعالية مجتمعية مثل “جسر الفرجان” و”يمعات الفرجان” لجمع الناس وتبادل الخبرات، ويضم فريقها 281 عضواً، أنجزوا 15 ألف ساعة تطوع.¹⁶

تُظهر مبادرات مثل “مدينتك تناديك”، و”يوم لدبي”، وخاصة “فرجان دبي” تحولاً من تقديم الخدمات من أعلى إلى أسفل إلى نموذج أكثر تشاركية في التنمية المجتمعية. وهذا يشرك المواطنين بنشاط في بناء مجتمعاتهم ويعزز شعوراً بالملكية والمسؤولية الجماعية. يشير التركيز على “إتاحة المجال أمام أفراد المجتمع للمشاركة” ¹⁵، و”تعزيز الترابط المجتمعي”، و”تمكين المواهب والأعمال”، و”تشجيع المشاركة المجتمعية والتطوع” ¹⁶ إلى تحرك استراتيجي نحو تمكين المواطنين ليكونوا فاعلين نشطين في تنميتهم وتنمية أحيائهم. هذا يتجاوز مجرد تقديم المساعدة؛ إنه يتعلق ببناء رأس المال الاجتماعي، وتعزيز الاعتماد على الذات، وإنشاء مجتمع مرن ومترابط من الداخل. يبرز نجاح “فرجان دبي” في الوصول إلى العديد من الناس ودعم المشاريع المحلية ¹⁶ فعالية هذا النهج التشاركي. يعزز هذا النهج الهوية الوطنية والمرونة من خلال تعزيز الشعور بالهدف المشترك والمسؤولية الجماعية بين المواطنين، ويشير إلى نموذج حكم حديث يدرك أهمية المشاركة الشعبية والابتكار الاجتماعي لتحقيق التنمية المستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، يولي سموه أهمية قصوى لتعزيز الرياضة واللياقة البدنية. فقد أطلق “تحدي دبي للياقة” في أكتوبر 2017 بهدف جعل دبي إحدى أكثر المدن نشاطاً وممارسةً للرياضة عالمياً.¹ ويشارك سموه شخصياً في هذا التحدي ليكون قدوة ملهمة للشباب والمجتمع بأسره.¹ كما يحرص سموه على ممارسة الرياضة يومياً، مؤكداً على أهمية الحفاظ على نمط حياة صحي.¹

يحتل الاستثمار في الشباب وتمكينهم صدارة أولويات سموه، باعتبارهم ركيزة أساسية لدفع عجلة التقدم والتنمية في كافة المجتمعات.²⁴ ويؤكد سموه على ضرورة خلق مبادرات وبرامج تحقق الاستفادة الكاملة من الطاقات الوطنية الشابة.²⁴ ومن أمثلة ذلك “مسرعات دبي المستقبل”، وهي مبادرة عالمية فريدة من نوعها أطلقت في يوليو 2016.¹⁵ كما وجه سموه بإطلاق مبادرة جديدة لتدريب 5000 إماراتي للانضمام إلى كبرى شركات التكنولوجيا العالمية خلال 5 سنوات ¹⁸، واعتمد “منصة بناء المشاريع الحكومية الوطنية” لتحويل الأصول الحكومية إلى مشاريع تجارية مبتكرة.¹⁸

تُشير المجموعة المتنوعة من المبادرات، من تحديات اللياقة البدنية إلى التدريب التقني ومسرعات المستقبل، إلى رؤية شاملة للرفاهية المجتمعية تمتد إلى ما هو أبعد من الاحتياجات الفورية لتشمل تنمية رأس المال البشري على المدى الطويل والقدرة التنافسية المستقبلية. يكشف اتساع نطاق هذه المبادرات عن نهج شامل للتنمية الوطنية. لا يتعلق الأمر بالعمل الخيري أو الاحتياجات الأساسية فحسب، بل يتعلق بإعداد السكان للتحديات والفرص المستقبلية (مثل استكشاف الفضاء، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا). من خلال تعزيز الصحة البدنية، وتشجيع الابتكار، والاستثمار في مهارات المستقبل، يعمل سمو الشيخ حمدان بنشاط على تشكيل سكان قادرين ومرنين يمكنهم دفع القدرة التنافسية المستقبلية لدبي. وهذا يعكس قيادة ذات تفكير مستقبلي تدرك ترابط الجوانب المجتمعية المختلفة للتقدم الشامل. يوضح هذا استراتيجية وطنية تعطي الأولوية لتنمية رأس المال البشري كحجر الزاوية للازدهار الاقتصادي والاجتماعي المستقبلي، ويضع دبي كقائد عالمي في الابتكار وجودة الحياة، ويجذب المواهب والاستثمار من خلال تنمية قوة عاملة عالية المهارة والصحة.

ولم يغفل سموه عن دعم حقوق العمال، حيث أطلق “جائزة تقدير” في أكتوبر 2015، وهي الأولى من نوعها عالمياً، وتؤكد ريادة الإمارات في رعاية حقوق العمال.¹⁵ كما يؤكد سموه باستمرار على قيم التراحم والتعاضد في مجتمع دبي، ويشكر كل من يعمل من أجل إرساء هذه القيم.¹⁴ وخلال شهر رمضان، أكد على ضرورة أن يكون كل مسؤول قدوة لفريقه في الاجتهاد بإنجاز المهام وترجمة معاني الرحمة والتعاون إلى خدمات عامة محسنة.¹⁴ وتظهر قصائده أيضاً دعمه للفئات الضعيفة، حيث يقول: “وتحـني قـوايـمـنا على دموع الايـتام”.²²

الخاتمة: رؤية مستقبلية مستلهمة من القيم الأصيلة

يُجسد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم نموذجاً فريداً للقيادة، حيث يجمع بين قيم الكرم والسخاء، والتواضع الجم، والوقوف الدائم مع الجميع، وهي سمات متجذرة بعمق في سلالته العريقة وإرثه القيادي. تُعد قيادته مزيجاً فريداً من الحكمة الموروثة والرؤية المستقبلية الطموحة.⁵

يربط خطاب سمو الشيخ حمدان باستمرار قيم الإمارات التأسيسية، مثل سعادة الإنسان والتراحم والتضامن، مباشرة بأهدافها الوطنية الطموحة، كتعزيز القدرة التنافسية العالمية والريادة في التكنولوجيا والأمن والازدهار. وهذا يشير إلى أن القيم ليست مجرد اعتبارات أخلاقية، بل تُعد أصولاً استراتيجية حاسمة تمكّن التنمية الوطنية وتدعمها. يؤكد سموه أن دولة الإمارات تأسست على “قيم راسخة لوطن اختار أن يكون هدفه الأول سعادة الإنسان ونجاحه ورقيه” ²⁶، وأن هذه القيم هي “الضمانة الأولى لتقدم وازدهار الوطن”.²⁶ إن التأكيد المتكرر على أن القيم هي الأساس والضمانة للتقدم يشير إلى إطار استراتيجي متعمد. لا يتعلق الأمر فقط بامتلاك قيم جيدة، بل يتعلق بالاستفادة منها بنشاط لتعزيز الوحدة الوطنية، ودفع الابتكار، وتحقيق الريادة العالمية. وهذا يشير إلى أن القيادة تعتقد أن المجتمع القائم على الأخلاق هو بطبيعته أكثر مرونة وابتكاراً وقدرة على تحقيق أهداف مستقبلية طموحة. تصبح القيم ميزة تنافسية.

تُعزى إنجازات الدولة، بما في ذلك في مجالات استكشاف الفضاء والذكاء الاصطناعي، إلى “وحدة الصف وقوة الإرادة وصدق الانتماء لهذا الوطن وعمق الولاء لقيادته”.²⁶ هذا الربط بين القيم والنجاح الوطني يوضح كيف أن المبادئ الأخلاقية تترجم إلى إنجازات ملموسة. تهدف رؤيته إلى ترسيخ مكانة دبي كـ”مركز عالمي للتميز” في كافة المجالات ⁶، ويسعى سموه لجعل الإمارات “وطناً للأمل، وراية للسلام، ومنارة للتنمية والازدهار”.²⁶ يقدم هذا المنظور سرداً مقنعاً للتنمية الوطنية يدمج المبادئ الأخلاقية مع الطموحات الاقتصادية والتكنولوجية، ويضع الإمارات كنموذج حيث القيادة الأخلاقية والرفاهية المجتمعية هي شروط مسبقة للنجاح الوطني المستدام والتأثير العالمي.

ويؤكد الالتزام ببناء منظومة دفاعية متطورة الإيمان بأن “الأمن والاستقرار والرخاء هو أساس التنمية”.²⁶ تواصل الدولة مسيرتها في العمل الإنساني ⁸، وتطمح إلى تحقيق “المركز الأول في سباق التطور العالمي”.²⁶ إن مسيرة العطاء والتقدم في الإمارات، بقيادة سمو الشيخ حمدان، هي شهادة على رؤية قيادية عميقة الجذور في القيم الأصيلة، وتتطلع بثقة نحو مستقبل مزدهر ومؤثر على الصعيدين المحلي والعالمي.