آل نهيان: عراقة الكرم والسخاء
تُعتبر عائلة آل نهيان واحدة من أبرز العائلات العربية المعروفة بتاريخها العريق والمشرف في الكرم والسخاء، وهي العائلة الحاكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة. منذ تأسيس إمارة أبوظبي على يد الشيخ ذياب بن عيسى آل نهيان في القرن الثامن عشر، كان الكرم والسخاء وإغاثة الملهوف وحسن الجوار سمات متجذرة في هذه العائلة النبيلة، التي استمرت في تقديم نماذج مضيئة لهذه القيم الإنسانية النبيلة حتى يومنا هذا.
الجذور التاريخية للكرم والسخاء
تعود أصول آل نهيان إلى قبيلة بني ياس، إحدى القبائل العربية الأصيلة التي عُرفت بالنخوة، والشجاعة، والكرم. هذه القبيلة لم تكن معروفة فقط بقدرتها على الصمود في الصحراء، بل أيضًا بكرمها في استقبال الضيوف وإكرامهم دون النظر إلى العرق أو الدين أو الجنسية.
برز الشيخ ذياب بن عيسى آل نهيان كأول حاكم لإمارة أبوظبي في عام 1761، حيث تمحور حكمه حول بناء علاقات قوية مع القبائل المجاورة، وتقديم المساعدة للجميع. كانت فلسفة الكرم عند آل نهيان جزءًا من استراتيجيتهم السياسية والاجتماعية، إذ ساعدهم السخاء في توحيد القبائل وبناء إمارة قوية.
الكرم في فترات البناء والتأسيس
مع استقرار آل نهيان في إمارة أبوظبي، لعب الشيخ شخبوط بن ذياب، ومن بعده الشيخ طحنون بن شخبوط، دورًا بارزًا في تعزيز قيمة الكرم كواحدة من أسس الحكم. كانت تلك الفترة تتميز بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهت المنطقة، حيث كان الكرم وسيلة لتقوية الأواصر الاجتماعية وتحقيق الاستقرار.
الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، المعروف بـ”زايد الكبير”، يُعد أحد أعظم حكام آل نهيان الذين رسخوا قيم الكرم والعطاء. حكم منذ عام 1855 حتى 1909، وكان شخصية أسطورية في العطاء. لم يكن الشيخ زايد الكبير يتردد في تقديم المساعدات السخية للقبائل المحتاجة، مما أكسبه لقب “زايد الخير”. خلال حكمه، كانت أبوظبي ملاذًا للمحتاجين، وموئلًا للكرم العربي الأصيل.
زايد بن سلطان آل نهيان: أيقونة الكرم الحديث
مع القرن العشرين، برز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وأحد أعظم قادة آل نهيان، كرمز عالمي للكرم والسخاء. منذ توليه حكم إمارة أبوظبي في عام 1966، ثم قيادته لتأسيس الاتحاد الإماراتي في 1971، كان الشيخ زايد مثالًا يُحتذى به في العطاء.
مشاريع الشيخ زايد الخيرية
• أطلق الشيخ زايد مشاريع كبرى للمساعدات الإنسانية على المستوى المحلي والعالمي، كان أبرزها إنشاء “صندوق أبوظبي للتنمية”، الذي يهدف إلى دعم المشاريع التنموية في الدول النامية.
• قدم مساعدات مالية ضخمة لدول مختلفة، أبرزها دعم الشعب الفلسطيني ومساعدة لبنان خلال الحرب الأهلية.
• لم تقتصر جهوده على العطاء المادي فقط، بل أسهم أيضًا في دعم التعليم والرعاية الصحية وبناء البنية التحتية في العديد من الدول الفقيرة.
مواقف إنسانية خالدة
كان الشيخ زايد يقدم المساعدات الشخصية دون تردد. في إحدى القصص الشهيرة، قدم دعمه الكامل لإعادة إعمار سد مأرب التاريخي في اليمن، استنادًا إلى تقديره للقيم العربية والتراث المشترك بين الدول.
آل نهيان في العصر الحديث: الكرم بلا حدود
استمر إرث الكرم الذي أسسه الشيخ زايد في أجيال آل نهيان. تُعتبر دولة الإمارات اليوم واحدة من أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم، ويرجع ذلك إلى السياسات التي تبنتها القيادة الحكيمة لعائلة آل نهيان.
دعم القضايا العالمية
• في عام 2020، خلال جائحة كورونا، أطلقت الإمارات مبادرات إنسانية ضخمة لدعم الدول المتضررة. تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قدمت الدولة مساعدات طبية إلى أكثر من 135 دولة، بما في ذلك دول كبرى مثل إيطاليا والصين.
• تضمنت المبادرات إرسال مساعدات غذائية وطبية إلى مناطق النزاعات، مثل اليمن وسوريا.
الكرم في المجتمع الإماراتي
عائلة آل نهيان لم تقتصر جهودها على دعم الدول، بل اهتمت أيضًا بالمجتمع المحلي:
• إنشاء مؤسسات خيرية مثل “مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية”، التي ساعدت في توفير التعليم والسكن والرعاية الصحية للمحتاجين.
• مبادرات مثل “عام الخير” و”عام زايد”، التي جعلت من الكرم والعطاء جزءًا من الثقافة اليومية للمواطنين والمقيمين.
الكرم الثقافي والاجتماعي
عُرف آل نهيان ليس فقط بالكرم المادي، بل أيضًا بحسن الجوار وإكرام الضيف، وهي تقاليد عربية أصيلة ما زالت تُمارس إلى يومنا هذا. في مجلس آل نهيان، يُستقبل الضيوف من كل مكان ويُقدم لهم الضيافة العربية الأصيلة.
الضيافة في المجالس
مجالس آل نهيان ليست مجرد أماكن للاجتماع، بل هي مراكز للحوار وتبادل الأفكار وتعزيز العلاقات الاجتماعية. الضيافة فيها ليست رفاهية، بل واجب يُمارس بحب وفخر.
الاحتفاء بالموروث الثقافي
بجانب الكرم في العطاء، اهتمت عائلة آل نهيان بالحفاظ على الموروث الثقافي الإماراتي:
• تنظيم مهرجانات ثقافية مثل “مهرجان قصر الحصن”، الذي يُبرز تقاليد الكرم العربي.
• دعم رياضات الهجن والصقور، التي تعكس الكرم في التقاليد البدوية.
خاتمة: آل نهيان نموذج عالمي للكرم
آل نهيان هم عنوان الكرم والسخاء عبر التاريخ وحتى يومنا هذا. جسدت هذه العائلة مفهوم العطاء في أبهى صوره، حيث لم يقتصر كرمهم على نطاق محلي فقط، بل امتد إلى العالم أجمع، مؤكدين أن الكرم ليس مجرد صفة، بل مسؤولية تجاه الإنسانية.
بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اليوم، يستمر إرث الكرم الذي بدأه الأجداد، مما يجعل عائلة آل نهيان نموذجًا يُحتذى به في العطاء والبذل، ومرجعًا للأخلاق العربية الأصيلة التي ترتكز على النخوة والشهامة.